لو كنت أعلم أنه سيرميني بالنذالة والبهت، وأنه سيرميني ويرمي خيار خلق الله من أتباع سلف الأمة أهل السنة والجماعة الذين يؤمنون بما وصف الله به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تشبيه ولا تمثيل مع التنزيه التام- بأنهم الضلال الطغام
الأغبياء، أقول لو كنت أعلم ذلك ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لتركته يحترق في غيظه ويتفتت من حنقه وحقده من خيار خلق الله تعالى، وكنت التزمت النهي في قول الله تعالى:" وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "(١) .
وأخيراً فليتهمني بما شاء من ألقاب النذالة؛ وليبهت الخطيب بما أحب من تسخيف وتكذيب؛ والحاكم بما شاء من تخليط، والذهبي بما شاء من تقليد أعمى ومتابعة بغير فهم ولا بصيرة؛ وأبا نعيم والبيهقي وأبا الشيخ بالتعصب وعدم الوثوق بهم وأهل السنة الذين يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأهل السنة الذين يؤمنون بزيادة الايمان ونقصه بسبب الطاعات والمعاصي اتباعاً لنصوص الكتاب والسنة، ولا يقولون إن إيمان السكير المعربد، كايمان جبريل وميكائيل ومحمد - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، فليرم كل هؤلاء بالضلال والغباء والحشو والطغامية، حتى يبرد قلبه من النار التي أحرقته لبيان حال إمامه وما قاله فيه معاصروه فمن بعدهم بمبلغ علمهم واجتهادهم الذي يؤجرون عليه ولو أخطأوا ونسوق اليه بشرى أمل يكتب على رجائها تأنيباً آخر لحافظ الأندلس فيما قاله من نفسه أو أثره عن غيره مما لا ينقص عما نقله الخطيب إن لم يزد عليه، فنرى ماذا يتحف ابن عبد البر به من سباب وشتم وتجريح ثم قد نتمادى بإمداده بأسباب رزق له بما ننقل عن البخاري في تواريخه الثلاثة وضعفائه؛ وعن النسائي وعن الترمذي وعن كتاب الوتر لمحمد بن نصر المروزي، وعن كتاب مشكل الحديث لابن قتيبة والضعفاء والمتروكين لابن الجارود ممن ترجموا إمامه وبينوا حاله، فإن رمانا بعداوة إمامه تمثلنا له بالمثل المشهور: عدو عاقل خير من محب جاهل، فيكون عليه وحده تبعات ما أوجب صنيعه من اثارة مدفوعات الدفاتر، ودخائل الأثار وما صرح به علماء الجرح والتعديل الذي لا تأخذهم في الله لومة لائم