وأكثر الآخذين بحديث القلتين أخذوا بالاحتياط فاشترطوا الكبر والخابية هي الحب والحب هو الجرة أو الجرة الكبيرة، وعلى كل حال فما بلغ جرتين من أكبر ما يعهد من الجرار داخل في الحكم منطوق الحديث حتماً وما لم يبلغ الجرتين من اصغر ما يعهد من الجرار داخل في حكم مفهومه حتماً كما سلف.
وأما الاختلاف في مقدار ما تسع فأكثر الأوجه التي ذكرها ابن التركماني جاءت في خبر رواه ابن جريج عن محمد بن يحيى عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجساً ولا بأساً» رواه أبو قرة عن ابن جريج وقال فيه: «قال محمد فرأيت قلال هجر فأظن كل قلة تأخذ قربتين» ورواه الدارقطني عن أبي بكر النيسابوري عن أبي حميد المصّيِصي عن حجاج عن ابن جريج وقال فيه: «قال فأظن أن كل قلة تأخذ الفَرَقَيْن» رواه البيهقي عن أبي حامد أحمد بن على الرازي عن زاهر بن طاهر عن أبي بكر النيسابوري بإسناده مثله وزاد «والفرق ستة عشر رطلاً» ورواه الشافعي ثنا مسلم بن خالد عن ابن جريج لا يحضرني ذكره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا كان الماء قلتين لم يحمل خبثاً. وقال في الحديث بقلال هجر. قال ابن جريج: وقد رأيت قلال هجر فالقلة تسع قربتين أو قربتين وشيئاً.
قال الشافعي: كان مسلم يذهب إلى أن ذلك أقل من نصف القربة أو نصف القربة فيقول: خمس قرب هو أكثر ما يسع قلتين، وقد تكون القلتان أقل من خمس قرب. قال الشافعي فالاحتياط أن تكون القلة فربتين ونصف ... وقرب الحجاز كبار ... » ومسلم بن خالد وإن ضعفه الأكثر ونسبوه إلى كثرة الغلط فقد وثقة ابن معين وغيره وقالوا: كان فقيه أهل مكة وكانت له حلقة في حياة ابن جريج، وهذا الخبر مما يحتاج إليه الفقيه فلا يظن به الغلط فيه (١) وقد تابعه في الجملة أبو قرة
(١) قلت هذا غير مسلم، فإن لازمه قبول أحاديث الأحكام والزيادات التي تفرد بها بعض =