«خرجت من بغداد وما خلفت بها أفقه ولا أزهد ولا أورع ولا أعلم من أحمد بن حنبل» .
هذا رأي الشافعي في أحمد قبل أن يموت أحمد بنيف وأربعين سنة.
فصل
ذكر الأستاذ ص١٤٣ ما روي من قل أحمد:«ما قول أبي حنيفة والبعر عندي إلا سواء» قال الأستاذ المصدر المضاف من ألفاظ العموم عند الفقهاء فيكون لذلك اللفظ خطورة بالغة لأن أبا حنيفة يعتقد في الله تعالى ما يكون خلافه كفراً وبدعة شنيعة ... فيكون امتهان قوله في المسائل الاعتقادية والمسائل الفقهية التي م نازعه فيها أحد من المسلمين محض كفر لا يصدر عمن له دين» .
أقول هذه مخاطرة فاجرة ومحاولة خاسرة.
أولاً: لأن من المعلوم قطعاً أن أحمد لا يمتهن الحق، وإنما روى الناس امتهان الحق عن غيره كما ترى بعض ذلك في (قسم الفقهيات) ، والعموم يخص بما هو دون هذه الدلالة بكثير.
ثانياً: هبه سلم العموم فمعلوم أن م في تلك الكلمة إنما هو حكم على القول من حيث هو قول ذاك القائل فلا يتعداها إلى حيثية أخرى.
ثالثاً: عموم القول لا يستلزم عموم التسوية للصفات فإذا قيل: سواء زيد والأسد، لم يفهم منه إلا التسوية التي في بعض المعاني وه الشجاعة. فالتسوية بين القول والبعر إنما هي في عدم الاعتداد فمعنى تلك الكلمة إنما هو أن أحمد لا يعتد بقول أبي حنيفة دليلاً أو خلافاً كما لا يعتد بالبعر مالاً. فأما عدم اعتداده به دليلاً لا غبار عليه، ولا يقول أحد إن قول أبي حنيفة دليل شرعي يلزم من بعده من المجتهدين الأخذ به، وأما عدم الاعتداد به خلافاً فكما قاله بعضهم في قول داود