فيقال لهذا الجانف المجازف توفي ابن طاهر قبل أن يولد جدك فمن أين لك هذه الحكاية عنه على هذا اللون؟ قد حكاها غيرك عن ابن طاهر حتى ياقوت مع شدة غرامه بالحكايات الفاجرة حتى في ترجمة الكسائي فلم يذكروا ما ذكرت، بل نقلها خليلك الملك عيسى في رده على الخطيب ص ٢٧٧ من خط ابن طاهر كما قال ولم يذكر هذه الزيادة ولا ما يشير إليها. استنفدت هذه من ترجمة الخطيب للدكتور يوسف العش، وكانت القصة وابن طاهر في سن تسع سنين، ولم يكن بدمشق فمن سمع الحكاية؟ لم يسمعها على هذا الوجه من مكي الرميلي فإنه حكى ما سمعه من مكي علي غير هذا، وقد تقدم حال مكي بما يعلم أنه يمتنع أن يحكيها على هذا الوجه أو ما يقرب منه، مع أن مكياً لم يشهد القصة فممن سمعها؟ وفي أقل من هذا ما يتضح به نكارة القصة على هذا الوجه وبطلانها، ولو كان السبط ثقة لاتجه الحمل على ابن طاهر وتثبيت مجازفته لكن حال السبط كما علمت وقد حكاها غيره عن ابن طاهر على وجه يغتفر في الجملة فالحمل على السبط.
أما الأشعار المنسوبة إلى الخطيب فلا أدري ما يصح منها وما وجد منها بخطه قد يكون لغيره وما عسى أن يكون له فذاك على عادة العلماء الذين أخذوا بحظ من الأدب يقول أحدهم الأبيات على طراز ما عرف من شعراء زمانه كما ينقل عن ابن سريج وغيره، وما في (معجم الأدباء) عن أبي العز ابن كادش لا يعبأ به، ترجمة ابن كادش في (لسان الميزان) ج١ ص٢١٨ وفيها عن ابن النجار «كان مخلطاً كذاباً لا يحتج بمثله»
وتكلم فيه ابن ناصر وغيره. وذكر ابن عساكر أن ابن كادش أخبره أنه وضع حديثاً في فضل أبي بكر وتبجح بذلك قائلا «بالله أليس فعلت جيداً؟» !
فقد اتضح بحمد الله عز وجل سلامة الخطيب في عقيدته ونزاهته في سيرته وأن ما ظن غمزا في سيرته مع وضوح أنه ليس مما يعتد به شرعاً ليس مما يسوغ احتماله