وأن من تردد أهل العلم فيه فلم يتجه لهم أن يكفروه أو يفسقوه ولا أن يعدلوه فلا تقبل روايته لأنه لم تثبت عدالته.
ويبقى النظر فيمن عدا هؤلاء، والمشهور الذي نقل ابن حبان والحاكم إجماع أئمة السنة عليه أن المبتدع الداعية لا تقبل روايته، وأما غير الداعية فكالسني واختلف المتأخرون في تعليل رد الداعية، والتحقيق إن شاء الله تعالى أن ما اتفق أئمة السنة على أنها بدعة فالداعية إليها الذي حقه أن يسمى داعية لا يكون إلا من الأنواع الأولى إن لم يتجه تكفيره اتجه تفسيقه فإن لم يتجه تفسيقه فعلى الأقل لا تثبت عدالته، وإلى هذا أشار مسلم في مقدمة صحيحه إذ قال:«إعلم وفقك الله أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين، أن لا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه، وأن يتقى منها ما كان عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع، والدليل على أن الذي قلنا في هذا هو اللازم دون ما خالفه قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} وقال جل ثناؤه {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} وقال {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} فدل بما ذكرنا أن خبر الفاسق ساقط غير مقبول وأن شهادة غير العدل مردودة، والخبر وإن فارق معناه معنى الش
هادة في بعض الوجوه فقد يجتمعان في أعظم معانيهما إذ كان خبر الفاسق غير مقبول عند أهل العلم كما أن شهادته مردودة عند جميعهم» .
فالمبتدع الذي يتضح عناده إما كافر وإما فاسق، والذي لم يتضح عناده ولكنه حقيق بأن يتهم بذلك وهو في معنى الفاسق لأنه مع سوء حاله لا تثبت عدالته،