مسألة استتابة فيها ضرب عنق! يا للهذر ويا للمحششة والأفينة! (١) .
ثم يتصور الكوثري جواب أبي جعفر المنصور حينئذ الذي ليس بيده من الحكم تقليم ظفر أن يكتب إلى قاضي الكوفة بضرب عنق من قال بخلق القرآن، كأن القاضي ورواة الحكاية بلغوا من الجنون والهذيان ما يرثي لهم، كل هذه المضحكات المخزيات المبكيات يولدها الكوثري من لفظة:(المدينة) التي جاءت في الحكاية ليسوغ له رمي رواة الحكاية بالحمق الذي يتندر به ويماجن المجان به، أن يرووا حكاية أبطالها ومسرحهم وفصولهم لا تكون إلا في العصر العباسي، فيروونها في العصر الأموي، عصر هشام ابن عبد الملك جهلا منهم بألف باء التاريخ والواقع، من أجل أن الرواي روى فيها: أن القاضي قاضي الكوفة كتب إلى أبي جعفر المنصور العباسي الخليفة بالمدينة؛ فيحلل المحقق الكوثري من كلمة (بالمدينة) أن يكون ذلك في عهد هشام بن الملك الأموي قبل أن تولد الدولة العباسية، وقبل أن يعرف أحد الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور بالخلافة أو الملك، وأخيراً: ما لنا ولمناقشة هذه الهزيلة المسرحية حسب تصوير خيال الكوثري لها، وإنما نريد أن نسأله عما جاء في كتاب الإبانة لأبي الحسن الأشعري من روايته عن حماد بن أبي سليمان لما بلغه قول أبي حنيفة بخلق القرآن: أبلغ أبا حنيفة المشرك أني بريء من دينه (أو ما هذا معناه) .
نريد تأنيبا شديدا للأشعري نسمع منه طرائف علم الكوثري فلعله يفتح له بابا من الرزق نضب منه معين تأنيب الخطيب، ولعلنا نسمع فيه نذالة الأشعري وبهته وحسده لأبي حنيفة من أجل حرمانه من القضاء الذي فاز به الحنفيون وتحسر عليه أهل الورع والتقوى من رواة الأخبار، التي جاءت في بيان حال أبي حنيفة، فحملهم الحسد أن يقولوا في أبي حنيفة ما ليس فيه، وعندما يخرج لنا تأنيب الأشعري نذكر له