أقول:(مصنف ابن أبي شيبة) مشتمل مع أحاديث صحاح على ضعاف وعلى أقوال مختلفة محكية عن بعض الصحابة وبعض التابعين وبعض من بعدهم، والظن بأصبغ أنه لم يقصد ذم الأحاديث، كيف وكان هو يروي (الموطأ) وغيره؟ وبعد، فماذا على المالكية من أصبغ هذا وقد كذبه أجلتهم كالقاسم بن أصبغ وابن الفرضي وعياض، ودوران الفتوى عليه إنما هو نتيجة أن العامة كانوا حريصين على الجمود على أقوال ابن القاسم صاحب مالك، والدولة موافقة لهم على ذلك، وكان هو عارفا بها جامداً عليها. وفي المالكية من حفاظ الحديث والمتبعين له إذا خالفه المنقول في مذهبهم عدد غير قليل، لعلهم يفضلون بذلك على بعض أصحاب المذاهب الأخرى!
ومن تأمل حال كثير من علماء المذاهب رأى أن كثيراً منهم قد تكون حالهم عند التحقيق شراً من حال أصبغ وذلك أنهم يظهرون التدين بقبول الحديث وتعظيم (الصحيحين) ويزيد بعضهم حتى من أهل عصرنا هذا فيقول: إن الحديث إذا كان في (الصحيحين) أو أحدهما فهو مقطوع بصحته، فإذا جاءوا إلى حديث مخالف لمذهبهم حرفوه أقبح تحريف، فالرد الصريح أخف ضرراً على المسلمين وأهو ن مؤنة على أهل «العلم والدين من إثارة الشبه والتطويل والتهويل الذي يغتر به كثير من الناس ويضطر العالم» إلى صرف وقته في كشف ذلك. والله المستعان.
٥٦- أنس بن مالك صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم -. تقدم ما يتعلق به في (الطليعة) ص ٩٨- ١٠٦، وفي الفصلين الثاني والخامس من أوائل هذا الكتاب، وذكرت ص ١٠٠- ١٠١ من (الطليعة) بعض المعمرين من ثقات التابعين المحتج بهم مطلقاً إجماعاً، ويزاد عليهم مغرور ابن سويد وزر بن حبيش وأبو عثمان النهدي بلغ الأول مائة وعشرين سنة، والثاني مائة وسبعاً وعشرين سنة، والثالث مائة وثلاثين - وقيل: أربعين - سنة. وذكرت في ص ١٠٣ من (الطليعة) شاهداً لرواية أنس في أبوال الإبل ثم رأيت في (تفسير ابن جرير) ج ٦ ص ١١٩ - ١٣٠ «حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال: سمعت أبي يقول: أخبرنا أبو حمزة عن عبد الكريم بن مالك الجزري وسئل عن أبوال الإبل؟