منها بالوضع فمعروف، ولم ينفرد بذلك بل كثير من أهل عصره ومن بعدهم شاركوه في ذلك ولا سيما في كتب الفضائل والمناقب، ومنها مناقب الشافعي ومناقب أبي حنيفة. ثم يجيء من بعدهم فيحذفون الأسانيد ويقتصرون على النسبة إلى تلك الكتب، وكثيراً ما يتركون هذه النسبة إلى تلك الكتب، وكثيراً ما يتركون هذه النسبة أيضاً كما في (الإحياء) وغيره، وفي (فتح المغيث) ص ١٠٦ في الكلام على رواية الموضوع: «لا يبرأ من العهدة في هذه الإعصار بالاقتصار على إيراد إسناده بذلك لعدم الأمن من المحذور به وإن صنعه أكثر المحدثين في الإعصار الماضية من سنة مائتين وهلمَّ جراً خصوصاً الطبراني وأبو نعيم وابن منده فإنهم إذا ساقوا الحديث بإسناده اعتقدوا أنهم برئوا من عهدته ... . قال شيخنا وكان ذكر الإسناد عندهم من جملة البيان ... .» .
أقول مدار التشديد في هذا على الحديث الصحيح «من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين» ومن تدبر علم أنه يكون كاذباً على أحد وجهين:
الأول: أن يرسل ذاك الحديث جازماً كأن يقول «قال النبي صلى الله عليه وسلم ... » .
الثاني: أن يكون ظاهر حاله في تحديثه أن ذاك الخبر عنده صدق أو محتمل أن يكون صدقاً فيكون موهماً خلاف الواقع فيكون بالنظر إلى ذاك الإيهام كاذباً، وقد علمنا أن قول من صحب أنساً «قال أنس ... » موهم بل مفهم إفهاماً تقوم به الحجة أنه سمع ذلك من أنس إلا أن يكون مدلساً معروفاً بالتدليس فإذا كان معروفاً بالتدليس فقال فيما لم يسمعه من أنس «قال أنس ... » لم يكن كاذباً ولا مجروحاً وإنما يلام على شرهه ويذكر بعادته لتعرف فلا تحمل على عادة غيره، وذلك أنه لما عرف بالتدليس لم يكن ظاهر حاله أنه لا يقول «قال أنس ... » إلا فيما سمعه من أنس، وبذلك زال الإفهام والإيهام فزال الكذب، فهكذا وأولى منه من عرف بأنه لحرصه على الجمع والإكثار والأغراب وعلو الإسناد يروي ما سمعه من