حنيفة بخمس سنين» وقال بعد ذلك:«كان يكون ممن لا يعرف ما هي الزندقة؟» وقال ص ١٠٨: «ولو فرضنا أن شريكا قال هذا لكان آذى نفسه ... لأن أبا حنيفة وأصحابه على قولهم المعروف في الأشربة غير الخمر كانوا يمنعون الناس من احتسائها بخلاف شريك ... فيكون شريك كأنه ما كان يعجبه منع أصحاب أبي حنيفة من احتساء النبيذ حتى نتمنى أن يكون في كل حي من الأحياء خمار لينتشي كما يشاء ... وشريك ممن عرف بطول اللسان وقد اضطربت أقواله في أبي حنيفة بين مدح وقدح، وقول أهل النقد فيه معروف، وحسابه على الله» .
أقول: أما القضية الأولى وهي في الارجاء فقد ذكرت المسألة في قسم الاعتقاديات. وأما حال شريك في نفسه فمن أجلة العلماء وأكابر النبلاء، فأما في الرواية فكثير الخطأ والغلط والاضطراب فلا يحتج بما ينفرد به أو يخالف، ونسبه الدارقطني وابن القطان وعبد الحق إلى التدليس. وأما قوله:«استتبت أبا حنيفة» وقولهم له «استتبتم أبا حنيفة؟» فلا مانع من صحته، وقد جاء نحو ذلك سفيان الثوري. وحقيقة الاستتابة أن يقال للرجل «تب» فقد يقول العالم وإن لم يكن قاضيا ولا أميراً ذلك لغيره، وقد يجتمع عالمان أو أكثر على واحد فيقولون له:«تب» وقد يهددونه بأنه إذا لم يتب رفعوه إلى الحاكم، وقد يحضر الحاكم بعض العلماء ويناورهم في رجل فيستتيبونه بحضرته. وهذا واضح جداً.
وأما ما قاله الأستاذ في قضية الأشربة فعبث ومقصود شريك واحد والنبيذ عند أهل العراق الذين يرخصون فيه ليس بخمر عندهم، وشريك إنما ذكر الخمار لا النباذ. ولو ذكر الأستاذ ما عنده عن شريك في المدح كما أشار إليه لكان أولى من ما ذكره هنا، بشرط أن يكون في روايته بعض القوة، ولكن الأستاذ يعرف بضاعته!
١٠٩- صالح بن أحمد. راجع (الطليعة) ص ١٢ - ١٨. ووقع في آخر