للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما حديث «ما زال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقنت في الصبح حتى مات» فقد ورد من وجهين آخرين أو أكثر عن أنس، صحح بعض الحفاظ بعضها (١) وجاء نحو معناه من وجوه أخرى راجع، «سنن الدارقطني» و «سنن


= صلى الله عيه وسلم» .
فهذا كما ترى ليس فيه ذكر الجهر، وقوله: «فقرأ» يحتمل أن يكون قرأها سراً، ويكون نعيم علم بذلك بقربه منه، فإن قراءة السر إذا قويت يسمعها من يلي القارئ كما قال ابن تيمية.
والخلاصة أنه لم يصح في الجهر بالبسملة في الصلاة ما تقوم به الحجة في الحديث والتفصيل لا يتسع له هذا المكان فليراجع من شاء (نصب الراية) ١/٣٣٥ - ٣٣٦، بلى قد صح الإسرار بها من حديث أنس كما سبقت لإشارة إلى ذلك في التعليق السابق. وللحافظ محمد بن طاهر المقدسي رسالة جيدة في هذه المسألة اختار فيها لإسرار قال في مطلعها:
«أما بعد، فإن سائلاً سألني عن السبب الموجب لترك الجهر بقراءة (بسم الله الرحمن الرحيم) في أول الفاتحة ... بعد أن كنت أجهر بها؟ فكان الجواب:
إنني لما نشأت، كنت على مذهب أخذته تقليداً، إذ الصبي يكون مذهبه قبل التمييز مذهب أبويه وأهل بلده، فكنت على ذلك حيناً أعتقد صحته، جهلاً مني بطرق الأحاديث التي هي المرقاة المتوصل بها إلى معرفة ذلك، فلما رزقني الله تعالى من العلوم أجلها وأنفعها عاجلاً وآجلاً، دعاني ذلك إلى تناول الصحيح مما نقل عن صاحب الشريعة وترك ما سواه، وذلك أني تتبعت هذه المسألة وأحاديثها لفريقين فلم أجد في الجهر بها في الصلاة حديثاً صحيحاً يعتمد عليه أهل النقد ... » .
(١) يشير المصنف رحمه الله تعالى إلى الحاكم فهو الذي صحح الحديث من غير طريق دينار، وتعقبه ابن القيم وابن حجر وغيرهما بأن فيه أبا جعفر الرازي وهو ضعيف سيئ الحفظ، وأما الوجوه الأخرى التي أشار إليها المصنف، فهي واهية جداً لا تصلح للاستشهاد بها على أن بعضها ليس فيها ذكر القنوت في الصبح والمداومة عليها فليست شاهداً تاماً لو ثبت، وتفصيل هذا في كتابنا «سلسلة الأحاديث الضعيفة» رقم (١٢٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>