أما السر الذي يحكيه الكوثري عن ابن الأثير بأمانة أو بغير أمانة، وشكنا في أمانته أنه لم يجرؤ أن ينقل في لفظ المجد ابن الأثير، وقد عرفنا أمانة الكوثري في تأنيبه للخطيب وحسبك منه بهت أنس بن مالك بالخرف والأمية واتهامه براوية ما يعلمه الرسول في قتل اليهودي، وقاتل الجارية الأنصارية بغير بينة، وأن أحد رواة الصحيحين أبي عوانة اليشكري وضَّاع - أي كذاب، حسبك في أمانته هذا إذا نقل نصوصا بألفاظها، فكيف إذا عدل عن النص إلى المعنى؟ كيف يكون أمينا عليه عند من عرف حاله هذه؟
هذا السر الذي يتكثر به الكوثري أنه ما كان شطر هذه الأمة من أقدم عهد إلى يومنا هذا يعبدون الله على فقه هذا الإمام - يعني أبا حنيفة - لو لم يكن لله سر خفي في ذلك، هذا السر الخفي عند الكوثري ومن نقل عنه هو حصاد التتار للملايين من هؤلاء الأتباع حصد القمح والشعير، وهذا السر هو سوم الجهريين من الروس والشيوعيين لهؤلاء الأتباع العابدين لله تعالى على مذهب هذا الإمام سوم الماشية التي تقتنى للحرث والسقي والحلب والذبح هذا السر هو شيخوخة الدولة العثمانية بعد الفتوة، حتى اندثرت وخلفتها حكومة لا دينية، طردت وكيل المشيخة الإسلامية إلى حيث لا رجعة له، إلى بلاد آمنت بمدنية مادية لا أثر للروح والدين فيها!
تقول اللامذهبية التي يبهتها الكوثري بأنها قنطرة اللادينية تقول له ولأمثاله كلمة صريحة صادقة: إن أزهر عصور الإسلام هو عصر اللامذهبية، عصر الصحابة والتابعين إذ كانت هداية الناس وبصيرتهم مقتبسة من الكتاب والسنة، وإذ لم يكن هناك فيهم من يقول: الأصل كلام أصحابنا: فإن كان هناك ما يعارضه من القرآن تأولناه، وإن كان هناك حديث معارض رددناه كرد حديث أنس في رضِّ رأس اليهودي الذي رض رأس الأنصارية لأجل نقل عن أبي حنيفة (ولو ضربه بأبا قبيس) ، كانت خير عصور المسلمين عصر الصحابة والتابعين، حيثلا مذاهب تُرَدُ لأجلها نصوص الكتاب والسنة.
فلما انحدر المسلمون إلى هو ة التقليد وصار فيهم من يقول: الأصل كلام