بيده فأس أو عصا كبيرة فضرب رأسه فقتله. ومنه ما يتبين أنه لم يقصد كمن ضرب رجلاً ضربات يسيره بسوط أو عصا كبيرة فضرب رأسه فقتله. ومنه ما يتبين أنه لم يقصد كمن ضرب رجلاً ضربات يسيره بسوط أو عصا خفيفة فمات فهذه ثلاثة أضرب وقوله في أول الحديث:«ألا إن دية الخطأ شبه العمد» مُخْرجٌ للضرب الأول حتماً لأنه عمد محض لا يعقل أن يسمى خطأ شبه عمد، فبقى الأ خيران والظاهر أنه شامل لهما. أما الثالث فواضح وأما الثاني فلأنه إذا لم يتبين قصد القتل فالأصل عدمه. فقوله بعد ذلك:«ما كان بالسوط والعصا» حقه أن يكون تقيداً ليخرج من الضرب الثاني ما كان بسلاح لأن استعمال السلاح يدل على قصد القتل، وإن كانت قد تدافعه قرينة أخرى فيقع التردد، ومن الحكمة في ذلك زجر الناس عن استعمال السلاح حيث لا يحل لهم القتل، وفي (صحيح مسلم) من حديث أبي هريرة «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يشتر أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار» . وفيه من حديثه أيضاً «من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى وإن كان أخاه لأبيه وأُمه» . وفي (المستدرك) ج٤ ص٢٩٠ من حديث جابر قال: «نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتعاطى السيف مسلولاً» ومن الحديث أبي بكرة قال: «مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على يتعاطون سيفاً مسلولاً، فقال رسول ألله - صلى الله عليه وسلم -: لعن الله من فعل هذا، أو ليس قد نهيت عن هذا؟ إذا سل أحدكم سيفاً ينظر إليه فأراد أن يناوله أخاه فليغمده ثم ليناوله إياه» وعلى ذاك المعنى فكلمة «ما» من قوله: «ما كان بالسوط والعصا» إما موصولة بدل بعض من «الخطأ شبه العمد» وإما مصدرية زمانية، أي: وقت كونه بالسيف والعصا، كما قيل بكل من الوجهين فيما قصة الله تعالى عن شعيب:«إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت» . هو د: ٨٨.
ويؤيد ذلك أن في بعض الروايات عند النسائي وغيره منها رواية أيوب عن القاسم ورواية هشيم عن خالد الحذاء عن القاسم « ... الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا ... » ليس فيه «ما كان» والتقييد في هذا ظاهر. على أن الشارع وإن قضى بأنه إذا كان القتل بسلاح ونحوه عمد حيث يتردد في القصد فإنه يبالغ في حض ولي الدم على أن لا يقتص. أخرج أبو داود في (السنن) من حديث أبي