ثبت بالروايات الجيدة أن الشافعي شرع طلب العلم وستة نحوعشر سنين فأخذ عن علماء مكة والمدينة، وخرج غير مرة إلى اليمن، واقام بالبادية مدة، وكان فيمن أخذ عنه من الفقهاء بمكة من كان يشارك في طريقة أهل العراق كسعيد بن القداح، وكان الشافعي يبحث مع من يقدم مكة من علماء الآفاق. وفي (توالي التأسيس) ص ٥٨: «قال زكريا الساجي: حدثنا الزعفراني قال: حج بشر المريسي «الحنفي» إلى مكة ثم قدم فقال: لقد رأيت بالحجاز رجلا ما رأيت مثله ولا مجيبا، يعني الشافعي، (١) قال: فقدم الشافعي علينا بعد ذلك فاجتمع إليه الناس فجئت إلى بشر فسألته فقال: إنه قد تغير عما كان عليه ... » وفيها ص ٥٦ «وأخرج الآبري من طريق الزعفراني قال: كنا نحضر مجلس بشر المريسي فكنا لا نقدر على مناظرته، فقدم الشافعي فأعطانا كتاب الشاهد واليمين فدرسته في ليلتين ثم تقدمت إلى حبقة بشر فناظرته فيه فقطعته، فقال ليس هذا من كيسك، هذا من كلام رجل رأيته بمكة معه نصف عقل أهل الدنيا» . بقي الشافعي نحوعشرين سنة بالحجاز ثم ولي بعض الولايات باليمن، وفي (توالي التأسيس) ص ٧٨ «قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن إدريس وراق الحميدي حدثنا الحميدي قال: قال الشافعي ... ثم نجران وبها بنوالحارث بن عبد المدان وموالى ثقيف ... وتظلم عندي أناس كثير وقلت: اجمعوا لي سبعة يكون من عدلوه عدلا ومن جرحوه مجروحا، ففعلوا ... حتى آتيت على جميع الظلامات، فلما انتهيت جعلت أحكم واسجل ... حتى حملت إلى العراق ن وكان محمد بن الحسن جيد المنزلة عند الخليفة فاختلفت غليه ن وقلت هو أولى من حهة الفقه، فلزمته، وكتبت عنه وعرفت أقاويلهم ن وكان إذا قام ناظرت أصحابه، فقال لي ك بلغني انك تناظر فناظرني في الشاهد واليمين، فامتنعت، فألح علي، فتكلمت معه، فرفع ذلك إلى الرشيد، فأعجبه ووصلني» وقد ذكر الأستاذ ص ١٨٤ طرفا من هذه
(١) قلت / إلى هنا رواه الخطيب في «جزء ... الاحتجاج بالشافعي ... » . ق ١٠ / ١) من طريق الحسن بن سعيد جعفر النصري. قال أبو نعيم ك «في حديثه وفي روايته لين» ، وترجمته في «الميزان» و «اللسان» . ن.