في التليين بعدم إخراج أصحاب الكتب الستة للرجل مع ظهور العذر كما تقدم في ترجمة إبراهيم بن شماس، فأما ابن سعد فلا مظنة للعذر إلا أنهم رغبوا عنه، وأظن الأستاذ أول من منح ابن سعد لقب:«الإمام» ولم يقتصر عليه بل قال: «الإمام الكبير» وتغاضى الأستاذ عن قول ابن سعد في أبي حنيفة فإنه ذكره في موضعين من (الطبقات) ج ٦ ص ٢٥٦ وج ٧ قسم ٢ ص ٦٧ وقال في كلا الموضعين: «وكان ضعيفاً في الحديث» ولم يقرن هذه الكلمة بشيء مما قرن به كلمته في أبي إسحاق فلم يقل: «ثقة» ولا «فاضل» ، ولا «صاحب سنة» !
ومع ذلك فليس ابن سعد في معرفة الحديث ونقده ومعرفة درجات رجاله في حد أن يقبل منه تليين من ثبته غيره أنه في أكثر كلامه إنما يتابع شيخه الواقدي، والواقدي تالف، وفي (مقدمة الفتح) في ترجمة عبد الرحمن بن شريح:
«شذ ابن سعد فقال: منكر الحديث، ولم يلتفت أحد إلى ابن سعد في هذا فإن مادته من الواقدي في الغالب والواقدي ليس بمعتمد» . وفيها في ترجمة محارب بن دثار:
«قال ابن سعد: لا يحتجون به، قلت: بل احتج به الأئمة كلهم ... ولكن ابن سعد يقلد الواقدي» . وفيها ترجمة نافع بن عمر الجمحي:«قد قدمنا أن تضعيف ابن سعد فيه نظر لاعتماده على الواقدي» .
وقد رد الأستاذ ص ١٦٨ قول إمام النقاد علي بن المديني في أبي حنيفة:«روى خمسين حديثاً أخطأ فيها» فقال الأستاذ: «لم يذكر وجه تخطئته في الحديث حتى يحتاج إلى الجواب وهو على كل حال جرح غير مفسر» وذكر ص ١٥٨ قول ابن أبي داود: «إن أبا حنيفة أخطأ في نصف أحاديثه» فقال الأستاذ:
«فلا نشتغل بالرد على هذا الكلام المرسل منه جزافاً من غير أن يبين ما هو خطؤه وفي أي حديث كان ذلك الخطأ» وذكر الأستاذ ص ٩٠ قول ابن حبان في أبي حنيفة: