السؤال عن رأيه، والشافعي حجازي كمالك كان أولاً يدين بقوله ثم صار ربما خالفه مع انتسابه إليه، وحينئذ وقعت القصة، وإنما أكثر خلافه لمالك بعد دخوله مصر، وذلك بعد موت محمد ابن الحسن، ومحمد بن الحسن عراقي كأبي حنيفة ينتسب إليه ويتبعه في أصوله ويذب عن قوله غالباً، فأي غبار على أن يقول محمد للشافعي «صاحبكم» يريد مالكاً و «صاحبنا» يريد أبا حنيفة؟
هذا وقد أشار الأستاذ في ما علقه على «الانتقاء» لابن عبد البر ص٢٤ إلى الروايات واختلافها ثم قال «والمخلص من ذلك النظر في الأسانيد والمقارنة بينها وضرب ما يروى بغير إسناد عرض الحائط» .
ثم حاول عبثاً الرجوع عن هذا القضاء العدل في (التأنيب) ١٨٣ إذ قال: «ولعل الصواب في الأمر هو ما حكاه القاضي أبو عاصم محمد بن أحمد العامري في (مبسوطه) حيث قال في كتبه المذكور أن الشافعي سأل محمداً: أيما أعلم مالك أو أبو حنيفة؟ فقال محمد: بماذا؟ قال: بكتاب الله، قال: أبو حنيفة، فقال: من أعلم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: أبو حنيفة أعلم بالمعاني ومالك أهدى للألفاظ» !
مُنى إن تكن حقاً تكن أحسن المنى ... وإلا فقد عشنا بها زمناً رغداً
فصل
قال الخطيب (١٣/٣٦٩) بعد ذكر المناقب «قد سقنا عن أيوب السختياني وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وأبي بكر بن عياش وغيرهم من الأئمة أخباراً كثيرة تتضمن تقريظ (١) أبي حنيفة والمدح له والثناء عليه، والمحفوظ عند نقلة الحديث عن الأئمة المتقدمين وهؤلاء المذكورين منهم في أبي حنيفة خلاف ذلك» .