يحمل كثيرا من الناس على حسده ومنافسته فيدعوهم إلى مناقشته، فهل يسوغ ذو عقل مثل هذا في رجل يقوم في القرن الثاني فيدعى لعشيرته كامله أنها من العرب ثم مر قريش ثم من بني عبد مناف ثم من بني المطلب فيثبت لها بذلك حقا في الخلافة، وحقا في الفيء، وحقا في خمس الخمس، والكفاءة لبني هاشم، والخلفاء منهم، فلا يبقى بينها وبين بني هاشم فرق آي في الفضل مع أنها تشاركهم في نصيب منه لما في (الصحيحين) وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد» وثبت عن فاطمة عليها السلام أنها لما وقفت صدقتها جعلتها لبني هاشم وبني المطلب وكذلك فعل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقوم هذا الرجل في القرن الثاني فيدعي هذا ويعلنه ويلهج به عارفوه وأصحابه وجماعة من عشيرته ثم لا يثور عليه التكذيب والعقوبة من كثير من الجهات؟ بل ولا ينكر عليه أحد هذا مع أن الرجل بغاية من النباهة ولم يكن له ولا لأحد من أقاربه ما يهاب لأجله ويتقي من منصب في الدولة أو نحو ذلك وقد كان في مبدأ أمره ولي بعض الولايات وطار له صيت بالعدل والجود والقبول فنسب إليه ترشيح نفسه للخلافة فحمل إلى الخليفة العباسي هارون الرشيد وجاء من غير وجه أنه خاطبه بقوله: نحن إخوتكم من بني المطلب فأنتم ترونا أخوة. هذا والعارفون بالأنساب ولا سيما نسب قريش في ذاك العصر كثير وللرجل حساد يحرقون عليه الأرم ومع ذلك قبل الناس دعواه ووفقوه عليها وأستمر الأمر على ذلك تسمع موافقته من كل جهة ولا يحس وجس بمخالفته إلى نحو مائتي عام.
ثم إذا كان بعد ذلك؟ ذاك متفقه حنفي ملأه غيظا تبجح الشافعية بأن إمامهم ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسولت له نفسه أن يحاول المكابرة في ذلك فلم يجد إلى ذلك سبيلا فلجأ إلى غير ملجأ فقال: إن أصحاب مالك لا يسلمون أن الشافعي من قريش بل يدعون أن شافعا كان مولى لأبي لهب فطلب من عمر رضي الله عنه أن يجعله من موالي قريش فامتنع فطلب من عثمان رضي الله عنه ففعل» فافتضح هذا القائل الظالم لنفسه فان أصحاب مالك - وإن كان فيهم من