للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول أقدم النظر في عقيدة الخطيب، زعم بعضهم أنه كان يذهب إلى مذهب الأشعري فرد الذهبي ذلك بقوله: «قلت مذهب الخطيب في الصفات أنها تمر كما جاءت صرح بذلك في تصانيفه» فاعترضه ابن السبكي في (طبقات الشافعية) ج ٣ ص١٣ بقوله: «قلت هذا مذهب الأشعري ... وللأشعري قول آخر بالتأويل» .

أقول: الذي شهره المتعمقون عن الأشعري التأويل وإن كان آخر مصنفاته (كتاب الإبانة) أعلن فيه اعتماده مذهب الإمام أحمد وأهل الحديث، فالقائل أن الخطيب كان يذهب مذهب الأشعري أوهم أنه كان من المتأولين، ولم يزد الذهبي على دفع هذا الإيهام، ولكن ابن السبكي لغلوه شديد العقوق لأستاذه الذهبي؛ وقد نقل الذهبي في (تذكرة الحفاظ) ج ٣ ص ٣١٩ فصلاً من كلام الخطيب في الاعتقاد ينفي عنه التأويل والتعطيل، قال الخطيب:

«أما الكلام في الصفات فإن ما روي منها في السنن الصحاح مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها ونفي الكيفية (١) والتشبيه عنها، وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله، وحققها قوم من المثبتين فخرجوا بذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف، والفصل إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين ... » .

ويظهر أن ابن الجوزي أميل إلى المبتدعة من الخطيب، قال شيخ الإسلام ابن تيميه في (شرح العقيدة الأصفهانية) ص ٦٨:

«وأما الانتساب فانتساب الأشعري وأصحابه إلى الإمام أحمد خصوصاً وسائر أئمة الحديث عموماً ظاهر مشهور في كتبهم كلها، وما في كتب الأشعري مما يوجد


(١) مراده كغيره نفي الكيفية المدركة بالعقول كما جاء عن ربيعه الرأي ومالك وغيرهما «الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول» وليس المراد نفي أن يكون في نفس الأمر كيفية، كيف وذلك من لوازم الوجود. المؤلف. قلت: وكلام الخطيب هذا محفوظ في بعض مجاميع الظاهرية. ن

<<  <  ج: ص:  >  >>