أقول العمر فذكروا أن جعفر قارب التسعين، وأما اختلال الضبط فمن مجازفات الكوثري، قال الخطيب (٧: ١٧٦) : «كان عابداً زاهداً ثقة صادقاً متقناً ضابطاً» وأسند عن ابن المنادي «كان ذا فضل وعبادة وزهد، انتفع به خلق كثير الحديث» وعنه أيضاً «كان من الصالحين، أكثر الناس عنه لثقته وصلاحه، بلغ تسعين سنة غير يسير» .
وبلوغ التسعين لا يستلزم اختلال الضبط كما مر في ترجمة أنس، ويتأكد ذلك في هؤلاء المتأخرين، لأن اعتمادهم على أصول مثبتة منقحة محفوظة، لا على الحفظ، والله الموفق.
فهذه ثمانية من فروع مغالطات الكوثري ومجازفاته؛ وبقي بعض أمثلتها، وسترى ذلك في (التنكيل) . وكذلك بقيت فروع أخرى ستراها في (التنكيل) إن شاء الله تعالى، منها أنه قد يكون في الرجل كلام يسير لا يضر، فيزعمه الكوثري جرحاً ترد به الرواية، كما قال في الحسن بن علي الحلواني، والحسن بن أبي بكر، وعثمان بن أحمد بن السماك ومحمد بن عباس بن حيويه.
ومنها أن الكوثري قد يحكي كلاماً في الرجل مع أنه لا يضره بالنسبة إلى الموضع الذي يتكلم عليه، كأن يروي الخطيب عن رجل كلاماً قاله برأيه، فيحكي الكوثري في ذلك الرجل كلاماً حاصله أنه لم يكن جيد الحفظ، كما قال في إبراهيم بن محمد أبي إسحاق الفزاري ويوسف بن أسباط وسفيان بن وكيع وقيس بن الربيع ومؤمل بن إسماعيل ومحمد بن ميمون أبي حمزة ومحمد بن جعفر بن الهيثم.
ومنها أن الخطيب كثيراً ما ينقل الروايات عن بعض المصنفات المشهورة، ولكنه على عادة أقرانه لا يصرح بالنقل، بل يرويها بسنده الذي سمع به ذاك الكتاب، فيتكلف الكوثري الكلام في بعض من بين الخطيب وبين / مؤلف الكتاب، مع أن هذا لا يقدح في الرواية، إذ معظم الاعتماد في مثل هذا على صحة النسخة ككلامه في عبد الله بن جعفر ابن درستويه، والحسن بن الحسين بن دوما، ومحمد بن أحمد رزق، وأحمد بن كامل.