للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للحكمة، أما اختيار اللزوم فواضح أنه بين في استحكام التراضي، وأما الاستمرار على ظاهر الحال من التراضي والتفرق على ذلك فلأن الغالب أنه إذا كان هناك هزل أو سبق لسان أو استعجال أن يتدار كه صاحبه قبل التفرق ولا سيما إا علم أن التفرق يقطع الخيار. فبان بهذا أن الحديث مفسر للآية التفسير الواضح المطابق للحكمة، لا مخالف لها كما زعم الكوثري، وراجع (تفسير أبن جرير) . ويؤكد هذا المعنى مافي (سنن أبي داود) وغيرهما من حديث عمرو بن شعيب عت أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً: «المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا، إلا أن تكون الصفقة خيار ولا يحل له ان يفارق٥ صاحبه خشية أن يستقيله» .

والمراد والله أعلم انه لا يحل لأحد هما أن يستغفل صاحبه فبفارقه وهو لا يشعر إذ قد لا يكون استحكم رضاه وكان يريد الفسخ إلا أنه أمهل اعتماداً على أن ذلك لا يفوت، حتى لورآه يريد المفارقة لبادر بالفسخ. فأما ما جاء عن ابن عمر أنه كان إذا اشترى شيئاًُ يعجبه فارق صاحبه، فمحمول على مبادرته بالمفارق وصاحبه يراه، أو لا يكون وقف على هذه الزيادة، وقوله: «حتى يستقله» ، لا يدل على الزوم العقد، فإن الاستقاله بعد الزوم العقد لا تمنع فيها المفارقة. إذا قد يستقله بعد أن يفارقه ويمضي زمان، وإنما المراد والله أعلم أن صاحبه قد يندم في المجلس فلا يبادر إلى الفسخ ويرى من حسن الأدب والعشرة أن يقول له: «أقلني» ليكون الفسخ برضاهما فإنه أطيب للنفوس.

قال الكوثري: «على أن لحديث إذا حمل على الخيار الرجوع بمعنى ان البائع والمشترى إذا أو جب فله حق الرجوع قبل قبول الآخر في المجلس فيزول خيار الرجوع من الموجب بائعاً كان أو مشترياً بقبول الآخر قبل انقطاع المجلس، فهذا المعنى يكون غير مخالف لكتاب الله تعالى» .

أقول: قد علمت أن الحديث بالمعنى الواضح من إثبات خيار المجلس لكل من المتبايعينبعد تبايعهما غير مخالف لكتاب الله تعالى، وأما هذا المعنى الذي ذكره الكوثري فالحديث غير محتمل له كما يأتي، ولو احتمله وحمل عليه لبقي ما في

<<  <  ج: ص:  >  >>