الأستاذ من أهل الرأي، ويظهر أنه من غلاة المقلدين في فروع الفقه، ومن مقلدي المتكلمين، ومن المجارين لكتاب العصر إلى حد ما وكل واحدة من هذه الأربع تقتضي قلة مبالاة بالمرويات، ودربة على التمحل في ردها، وجرأة على مخالفتها واتهام رواتها.
أما أهل الرأي فهذه بدايتهم في (الصحيح) عن أبي هريرة قال: «إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والله الموعد، إني كنت امرءاً مسكيناً أصحب رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ على ملء بطني وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم ... » ومن تتبع السيرة والسنة علم أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ كان ربما يقضي بالقضية أو يحدث بالحديث أو يفتي في مسألة وليس عنده من أصحابه إلا الواحد أو الاثنان، ثم كان معظم أصحابه لا يحدثون بالحديث عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ إلا عندما تدعو الحاجة، ومن لازم ما تقدم مع احتمال نسيان بعضهم أو موته قبل أن يخبر بالحديث أن يكون كثير من السنن ينفرد بسماعها أو بحفظها أو بروايتها آحاد الصحابة، ثم تفرق الصحابة في الأقطار فمنهم من هو في باديته ومنهم من صار إلى الشام والعراق ومصر واليمن، فكان عند أهل كل جهة أحاديث من السنة لم تكن عند غيرهم في أول الأمر - كما روي عن مالك - ثم اجتهد أصحاب الحديث في