قال الطحاوي:«فلما اختلف في قيمة المجن الذي قطع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتيط في ذلك فلم يقطع إلا فيما أجمع أن فيه وفاء بقيمة المجن التي جعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقدراً لا يقطع فيما هو أقل منها، وهو عشرة دراهم» .
أقول: قد علمت أنه ليس فيما ذكره الطحاوي ما يصلح دليلاً على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أنه لا قطع فيما دون قيمة ذاك المجن، ولا يصلح دليلاً يخالف الحجة الواضحة المحققة أن قيمته ثلاثة دراهم.
ثم قال الطحاوي:«وقد ذهب آخرون الى أنه لا يقطع الا في ربع دينار فصاعداً، واحتجوا على ذلك بما حدثنا يونس أخبرنا به أبن عيينة ... كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقطع في ربع دينار فصاعداً. قيل لهم: ليس هذا حجة لأن عائشة إنما أخبرت عام قطع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيحتمل أن يكون ذلك لأنها قومت ما قطع فيه» .
أقول: روى ابن شهاب الزهري وجماعة عن عمرة عن عائشة في القطع في ربع دينار واختلفوا، ثم وقع خلاف عن بعض أصحاب الزهري، ثم وقع خلاف يسير عن ابن عيينة في روايته عن الزهري، وهذا الذي ذكر الطحاوي هو رواية يونس بن عبد الاعلى عن ابن عيينة عن الزهري عن عمرة عن عائشة، وهكذا رواه جماعة عن ابن عيينة منهم يحيى بن يحيى عند مسلم، وأحمد في (مسنده) ، وإسحاق وقتية عند النسائي. وخالفهم جماعة عن ابن عيينة. قال ابن حجر في (الفتح) : «أورد الشافعي والحميدي وجماعة عن ابن عيينة بلفظ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تقطع اليد _ الحديث» . ولفظ الشافعي كما في (مسنده) بهامش (الام) ج ٦ ص ٢٥٤: «أن رسوالله - صلى الله عليه وسلم - قال: القطع في ربع دينار» . ولفظ الحميدي كما ذكره الطحاوي فيما بعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً» . وأخرجه الطحاوي فيما بعد من طريق الحجاج بن منهال عن ابن عيينة ولفظه: «قال