للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فله ذلك، لكن هذه الميزة لا توجب الرجحان في العلم. وفي (صحيح مسلم) : «من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه» . على أن هناك من العلماء من هو قرشي باتفاق فيفضل على من في قرشيته خلاف، لو كان هذا الأمر بالنسب» .

أقول: قد علمت الإجماع إلى نسب الشافعي مع الحجج الأخرى. فأما أن هذه الميزة لا توجب الرجحان في العلم، فإن أراد أنه لا يجب أن يكون كل قرشي أعلم من كل أعجمي مثلا فهذا حق لا يشتبه على أحد، وكذلك لا يجب أن يكون كل تابعي أعلم من كل ما يأتي بعده ولا كل من كثر أتباعه أعلم من كل من أقل منه أتباعا، وكذلك كل من أبطأ به عمله لا تسرع به تابعيته ولا كثرة أتباعه بل ذلك أضر عليه. وقد وضع الحديث في غير كوضعه، فإن الشافعي لم يبطئ به علمه وإنما ينبغي أن يذكر هنا حديث (الصحيحين) وغيرهما وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: «أفعن معادن العرب تسألوني؟ قالوا: نعم، قال: فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهو ا» .

ومن ذكر من أهل العلم في مزايا الشافعي أنه عربي قرشي مطلبي فلم يحتج بفضلية النسب من حيث هو نسب، ولكن من حيث ما هو مظنة، فإن ذلك يقتضي فضل معرفة بالدين الذي أنزله الله تعالى على النبي العربي بلسان عربي روعي فيه عقول العرب وإفهامهم وطباعهم، ويقتضي فضل محبة الدين وغيره وحرص على عدم الشذوذ عنه، فإن من أجتمع له الحق والهوى أشد لزوما للحق ممن جاء الحق خلاف هواه، وقد قال الله تبارك وتعالى: «وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» (البقرة:١٢٧) «رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» «رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» (البقرة - ١٢٧- ١٢٩) . وقال عز وجل: «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. وَآخَرِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>