الحديث الثاني: الحديث ابن عباس في (الصحيحين) وغيرهما «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب بعرفات: من لم يجد إزاراً فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين» ففي هذا الحديث النص على السراويل والخفين معاً ولم يذكر القطع، فمن أهل العلم من أخذ به على اطلاقه وقال إنه نسخ للأمر بقطع الخفين لأن حديث أبن عباس، متأخر ومنهم من حمل المطلق على المقيد فقال بقطع الخفين، فعلى الأول يكون عدم وجوب قطع السراويل أولى، أما على الثاني فقد يتمسك فيه بالاطلاق، وقد يقال بل يكون حكمه ما تقدم في الكلام على الحديث الأول. وعلى كل حال فسكوت الحديثين عن ذكر الفدية يدل أنها لا تجب، وإلا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة، والبيان المتقدم في القرآن لم يتعرض لقضية السراويل والخفين لا نصاً ولا تنبيهاً كما تقدم. والله أعلم.
[المسألة السادسة: درهم وجوزة بدرهمين]
في (تاريخ بغداد) ١٣/٤١٢ عن خالد بن يزيد بن أبي مالك قال: «أحل أبوحنيفة الزنا والربا ... أما تحليل الربا فقال: درهم وجوزة بدرهمين نسيئة لا بأس به ... » قال الأستاذ ص ١٤٥: «فرية بلا مرية لأنها على خلاف المدون في مذهبه، وأبو حنيفة من أشد الفقهاء في النسيئة» .
أقول: إن صح الكلام الأستاذ فقد يكون أبو حنيفة قال قولاً ثم رجع عنه، وقد يكون خالد رأى إجازة ذلك نقداً تستلزم إجازة نحوه نسيئة كما يأتي، وبيان