أقول: ابن حبان كثيراً ما يهو ل مثل هذا التهويل في غير محله كما يأتي في ترجمته وترجمة محمد بن الفضل من قسم التراجم، وكلمة «ليس بثقة» حقيقتها اللغوية نفي أن يكون بحيث يقال له «ثقة» ولا مانع من استعمالها بهذا المعنى وقد ذكرها الخطيب في (الكفاية) في أمثلة الجرح غير المفسر، واقتصار مالك في رواية يحيى القطان على قوله «لم يكن من القراء» يشعر بأنه أراد هذا المعنى. نعم إذا قيل «ليس بثقة ولا مأمون» تعين الجرح شديد، وإن اقتصر على «ليس بثقة» فالمتبادر جرح شديد، ولكن إذا كان هناك ما يشعر بأنها استعملت في المعنى الآخر حملت عليه، وهكذا كلمة ثقة معناها المعروف التوثيق التام، فلا تصرف عنه إلا بدليل، إما قرينة لفظية كقول يعقوب «ضعيف الحديث وهو ثقة صدوق» وبقية الأمثلة السابقة، وإما حالية منقولة أو مستدل عليها بكلمة أخرى عن قائلها كما مر في الأمر السابع عن (لسان الميزان) ، أو عن غيره ولا سيما إذا كانوا هم الأكثر.
فتدبر ما تقدم وقابله بما قاله الكوثري في (الترحيب) ص ١٥ قال: «وكم من راو يوثق ولا يحتج به كما في كلام يعقوب الفسوي، بل كم ممن يوصف بأنه صدوق ولا يعد ثقة كما قال ابن مهدي: أبو خلدة صدوق مأمون، الثقة سفيان وشعبة» .
وعلى الأستاذ مؤاخذات:
الأولى: أنه ذكر هذا في معرض الاعتذار، وأنا لم أناقشه فيما قام الدليل فيه.
الثانية: أن كلمة يعقوب التي أشار إليها هي قوله «كتبت عن ألف شيخ وكسر كلهم ثقات ما أحد منهم أتخذه عنه الله حجة إلا أحمد بن صالح بمصر وأحمد بن حنبل بالعراق» أوردتها في (الطليعة) ص ٢١ إلى قوله «ثقات» ذكرت ذلك من جملة الشواهد على أن شيخ يعقوب في ذاك السند هو أحمد بن الخليل الموثق لا أحمد بن الخليل المجروح، فزعم الأستاذ في (الترحيب) أنني