الصلت كما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى، ويطعن في أئمة الدين كأبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري وعبد الله ابن الزبير الحميدي وأضرابهما كما يأتي في التراجم إن شاء الله تعالى مع أن ابن الصلت مُجمَع على تكذيبه، والفزاري والحميدي وجماعة من أضرابهما الذين طعن الأستاذ مجمع على أنهم أثبات. ولا ريب أن في أتباع أصحاب الحديث جهالاً ومغفلين وفجاراً وأنه وقع من هؤلاء الكذب، ولولا أن الخطيب اجتهد فلم يورد في حكايات الغض ما بان له سقوطه لجاء بالعجب العجاب لكن الجهل في الجانب الآخر أعم وأطم لغلبة الجهل بالسنة، وقلة الرواية التي يراقب صاحبها ألسنة النقاد صباح مساء ويخاف أن يفقد رأس ماله بكلمة واحدة منهم.
وكان مقتضى الحكمة إتباع ما مضى عليه أهل العلم منذ سبعمائة سنة تقريباً من سدل الستار على تلك الأحوال وتقارض الثناء واقتصار الحنفية في بعض المناسبات على التألم من الخطيب بأنه أورد حكايات لا تصح، فيقتصرون على هذا الإجمال ونحوه ولا يطعنون في الخطيب ولا في راوٍ بعينه ويعوضون أنفسهم بالاستكثار من روايات المناقب، فإن جاوز بعضهم ذلك فعلى قدر ومراعاة للجانب الآخر، فليت الأستاذ اكتفى بما يقرب من ذلك وطوى الثوب على غرة، فإن أبت نفسه إلا بعثرة القبور فليتحر الحق إما تديناً، وإما علماً بأن في الناس بقايا وفي الزوايا خبايا.
أما أنا فقدمت بيان مقصودي ولا شأن لي بما عداه ولو ألجئت إلى نقد الروايات من الجانبين لتحريت الحق إن شاء الله تعالى، وذلك بالنظر في أحوال الرواة من الفريقين فمن وثقه أهل العلم فلا بد من قبوله، ولا يعد ميله إلى أبي حنيفة ولا انحرافه عنه مسوغاً لاتهامه بالكذب، كما سيأتي في قاعدة التهمة إن شاء