البراءة. وإن أبى قضي بوجود العيب لنكول المدعي عليه وذهب الشاهد لغوا وتمت القضية الأولى، ثم ينظر بالقضية الثانية.
وعلى قولنا يقال للمشتري احلف مع شاهدك، فإن حلف ثبت العيب بشاهده ويمينه، ثم ينظر في القضية الأخرى، وإن أبى قيل للبائع احلف أنه لا عيب، فإن أبى قضى له بيمينه واستغنى عن الدعوى الثانية وذهب الشاهد لغوا. وإن أبى قيل للمشتري احلف على وجود العيب (وهذه يمين مردودة ليست هي التي تكون مع الشاهد) فإن حلف قضى له بيمينه مع نكول البائع واستغنى عن الشاهد، ثم ينظر في القضية الثانية، وإن أبى سقط حقه واستغنى عن القضية الثانية.
فإن قال قائل: أنا أخالفكم في رد اليمين وفي القضاء بالشاهد واليمين إلا في صورة واحدة وهي ما إذا كان للمدعي شاهد واحد ونكل المدعي عليه عن اليمين فيحلف المدعي ويستحق، ففي هذه يقضى له بشهاده مع يمينه. قلنا: فأنت تقضي للمدعي الذي لا شاهد له بمجرد نكول خصمه ولا تقضي للمدعي الذي له شاهد بمجرد نكول خصمه بل تكلفه اليمين فوق ذلك فكأن وجود شاهد للمدعي يوهن جانب المدعي حتى لو لم يكن له شاهد لكن جانبه أقوى، فهل يقول هذا أحد؟ !
وأما قول الأستاذ:«والليث بن سعد رد على مالك رداً ناهضاً في رسالته إليه» . فهذه الرسالة في (إعلام الموقعين) ج ٣ ص ٨٢ وهي تفيد أن مالكاً كتب إلى الليث يعاتبه في إفتائه بأشياء على خلاف ما عليه جماعة أهل المدينة فأجابه الليث بهذه الرسالة، فذكر أولاً أنه قد كان في الأقطار الأخرى جماعة من الصحابة، وكان الخلفاء يكتبون إليهم قال:«ومن ذلك القضاء بشاهد ويمين صاحب الحق وقد عرفت أنه لم يزل يقضي بالمدينة به ولم يقض به لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -بالشام ولا بحمص ولا بمصر ولا بالعراق ولم يكتب به إليهم الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ثم ولي عمر بن عبد العزيز وكان كما قد علمت في حإياء السنن والجد في إقامة الدين والإصابة في الرأي والعلم بما قد مضى من أمر الناس، فكتب إليه رزيق ... إنك كنت تقضي بالمدينة بشهادة الشاهد ويمين صاحب الحق، فكتب إليه عمر بن عبد العزيز: إنا كنا نقضي بذاك بالمدينة فوجدنا أهل الشام على غير ذلك، فلا نقضي إلا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين» .