أقول قد تقدم أنه كان حنبلياً ثم تحنف في الصورة الظاهرة على ما قاله مذيل مرآته لأجل الحظوة عند الملك عيسى بن أبي بكر بن أيوب يلقيه الكوثري «عالم الملوك الملك المعظم» فإن هذا الملك كان أهله شافعية فتحنف وتعصب، قال فيه الملا علي القاري الحنفي، كما في (الفوائد البهية في مناقب الحنفية) ص ١٥٢:
«كان متغالياً في التعصب لمذهب أبي حنيفة قال له والده يوماً كيف اخترت مذهب أبي حنيفة وأهلك كلهم شافعية؟ فقال أترغبون عن أن يكون فيكم رجل واحد مسلم» ! وهذا الملك قد أثنى عليه خليله السبط في (المرآة) ومع ذلك ذكره في مواضع متفرقة بفظائع، وقد سبق له ذكر في ترجمة أحمد بن الحسن بن خيرون وذكرت المانع من تتبع هفواته. فأما السبط فقد مر عن الذهبي ما علمت ومن طالع (المرآة) علم صدق الذهبي فيما يتعلق بالحكايات المنكرة والمجازفات ولا سيما فيما فيه مدح لنفسه، ويظهر من (المرآة) ما يرافق قول صاحب (الذيل عليها) أنه إنما تحنف في الصورة الظاهرة، وكذلك لا يظهر منها أنه رافضي فكأنه إنما ألف كتابه في الترفض تقرباً إلى بعض الرافضة من أصحاب الدنيا. فهذا المجازف اتصل بالملك عيسى وقد عرفت بعض حاله في التعصب فتحنف السبط إرضاء له، وألف كل منهما رداً على الخطيب كما مر في ترجمة أحمد بن الحسن ابن خيرون، وحاول السبط التقرب إلى عيسى بذم الخطيب وذكر حكاية ابن طاهر فزاد فيها، قال الأستاذ ص١٢ «قال سبط ابن الجوزي في (مرآة الزمان) : قال محمد بن طاهر المقدسي: لما هرب الخطيب من بغداد عند دخول البساسيري إليها قدم دمشق فصحبه حدث صبيح الوجه كان يختلف إليه، فتكلم الناس فيه وأكثروا حتى بلغ والي المدينة وكان من قبل المصريين شيعياً، فأمر صاحب الشرطة بالقبض على الخطيب وقتله وكان صاحب الشرطة سنياً فهجم عليه فرأى الصبي عنده وهما في خلوة فقال للخطيب قد أمر الوالي بقتلك وقد رحمتك ... فأخرجوه فمضى إلى صور واشتد غرامه بذلك الصبي، فقال