أحدهم عن غيره مما فيه غض من أبي حنيفة ولومن بُعد كرواية هشام المذكورة. وعلى هذا فيدخل في الكلام الذي لا يمتنع الأئمة من توثيق الكاذب فيه كل كلام إلا ما فيه إسناد خبر إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، ولو- والعياذ بالله - تم هذا للأستاذ لسقطت المرويات كلها، ويأبى الله ذلك والمؤمنون، أما السنة فإنها لا تثبت إلا بثقة رواتها، وتوثيق الأئمة للرواة كلام ليس فيه إسناد خبر إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فإذا كانوا يرون أن الكذب في ذلك لا ينافي الثقة لم نأمن أن يكذبوا فيه، وتوثيق من بعدهم لهم لا يدفع أن يكونوا يكذبون مثل هذا الكذب بل يجوز أن يكون ذاك التوثيق نفسه كذباً وإن كان قائله ثقة، وهكذا رواية من بعد الأئمة لكلام الأئمة هي كلام، وبالجملة فيشمل ذلك سائر كلمات الجرح والتعديل، والمدح والقدح، قولها وروايتها، وحكاية مقتضيها وروايته، وأما ما عدا السنة من آثار الصحابة والتابعين وغير ذلك فكله كلام.
وسيأتي تمام الكلام في القاعدة الأولى من قسم القواعد إن شاء الله تعالى.
وأما كلام الأستاذ في الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد فسيأتي إن شاء الله تعالى في تراجمهم ويكفي العبارة التي قالها في (التأنيب) في معرض الثناء عليهم زعم، ونقلها في (الترحيب) في معرض التبرؤ عن الطعن فيهم. وحقيقة الحال أن الأستاذ يرى أو يتراءى أو يفرض على الناس أن يروا أن منازل الأئمة هي كما يتحصل من مجموع كلامه في (التأنيب) ، ويرى أنه قد تفضل على الأئمة الثلاثة وجامل أتباعهم بأن أو هم في بعض عباراته رفعهم عن تلك المنزلة قليلاً، فلما رآني لم أعتد بذاك الإيهام الفارغ كان أقصى ما عنده أن يوهم الجهال براءته ويفهم العلماء أن تلك منازلهم عنده، رضوا أم كرهو ا. وتمام الكلام في التراجم إن شاء الله تعالى.