للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمانية أحاديث وكأنها أشد ما انتقد على نعيم، وما عداها فالأمر فيه قريب، ولا بأس أن أسوقها هنا وأنظر فيها على مقدار فهمي. وأسأل الله التوفيق.

الحديث الأول: أخرجه الحاكم في (المستدرك) ج ٤ ص ٤٣٠ « ... نعيم بن حماد ثنا عيسى بن يونس عن حرير بن عثمان عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فرقة قوم يقيسون الأمور برأيهم، فيحرمون الحلال، ويحللون الحرام» قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين» .

أقول: هذا الحديث أشد ما أنكر على نعيم. أنكره ابن معين ووثق نعيما وقال: «شُبِّه له» وقال دحيم: «هذا حديث صفوان بن عمرو، حديث معاوية» يعني أن إسناده مقلوب، لهذا الحديث شواهد مرفوعة وموقوفة في (المستدرك) ج ١ ص ١٢٨ و (سنن الدارمي) ج ١ ص ٦٥ وغيرهما (١) . وقد تابع نعيماً على روايته عن عيسى بن يونس جماعة منهم ثلاثة أقوياء سويد بن سعيد الحدثاني، وعبد الله بن جعفر الرقي، والحكم بن المبارك الخواستي، وسويد من رجال مسلم إلا أنه كان في آخر عمره يقبل التلقين لكن في ترجمته ما يدل أنه كان إذا نبه على خطئه رجع، وقد روجع في هذا الحديث فثبت على أنه سمعه من عيسى بن يونس. والرقي موثق إلا أنه نسب إلى الاختلاط بأخرة، لكن ذكر ابن حبان أن اختلاطه لم يكن فاحشاً، وراوي هذا الحديث عنه ثقة وهو الذي أخبر بأنه اختلط، فقد يقال لو علم أنه اختلط اختلاطاً شديداً وكان إنما سمع منه هذا الحديث عند


(١) قلت: فيما أشار إليه المؤلف رحمه الله نظر، فإن الذي في «المستدرك» عدة أحاديث في تفرق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، وهي صحيحة كما بينته في غير هذا الموضع، لكن ليس في شيء منها ذكر القياس والتحريم والتحليل، وهو بيت القصيد - كما يقال - في حديث نعيم: والذي عند الدارمي أثر عن ابن مسعود، وعن غيره من التابعين في ذم قوم يقيسون الأمر برأيهم. وفي اعتبار مثل هذا مع وقفه وقصوره عن الشهادة الكاملة شاهداً لحديث نعيم المرفوع نظر ظاهر عندي. فيتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>