للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به الشرع وتشهد له الفطرة إلا عند صاحب العقلية الجبارة، ولا أدري ما الزيادة أو النقص في السند أو المتن، في حديث سهل بن سعد الساعدي في تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا بإمرأة على ما معه من القرآن فرده صاحب العقلية الجبارة باشتراط أن يكون الصداق ربع دينار فأكثر، قياساً لحل الفروج على قطع اليد في السرقة، فأين البصرة من الدار البيضاء؟ ولا أدري ما هو القرآن أو الإجماع الذي دل على حديث نقض الوضوء بالقهقهة في الصلاة، وحديث نقض الوضوء بالقيء والرعاف الخ، وليست القهقهة في الصلاة بأفحش من قذف المحصنات الغافلات في الصلاة وهم لا ينقضون به الوضوء، فاين القياس والعقلية الجبارة والرأي الحسن؟

(١٠) أسرف الكوثري في جرح رجال أسانيد الخطيب الذين روى عنهم ما قيل في مثالب أبي حنيفة، واعتذر في ترحيبه بتأنيبه بأن روايتهم ساقطة بنفسها، لأنها تنافي ما زعمه من التواتر على رفع إمامة أبي حنيفة إلى مستوى لا يؤخذ عليه شيء ولا يناله خطأ ولا يتطرَّق إلى عصمته مساس، وهو الذي رمى أنس بن مالك خادم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخرف والأميَّة والكذب على الرسول في قتل قاتل الجارية الأنصارية بغير بينة بزعمه ولا إقرار سوى رواية قتادة بزعمه المتهم عنده بتدليسه لرواية الاعتراف لأن إمامه قرر برأيه الحسن- وهل الدين إلا الرأي الحسن؟ - أن القصاص لا يكون إلا بالسيف ولو ضربه (بأبا قبيس) (١) ، وجعل ذلك من باب التخيير بين أقوال الصحابة، وإن كانت المسألة ليست من باب التخيير بين الأقوال، وإنما هي رد صريح لرواية صحابي من أجل رأي حسن أو قبيح، لمن يزعم أن الدين إنما هو الرأي الحسن، فإذا سألناه من هو الصحابي الآخر الذي رد إمامه رواية أنس بن مالك لأجل قوله أو روايته؟ فانا ننظر الجواب لنعرف العذر من رمي أنس الخرف واختلاق الرواية، وأن أبا حنيفة رد روايته لرواية صحابي آخر فيكون تخيراً، ولا نعيد لمز الشافعي بالخلاف في قرشيته وتبطيء عمله الذي لا يسرع به نسبه؛ ومالك بخلوه إلا من سكنى المدينة في وقت لا فضل


(١) إشارة إلى أمر لغوي أخطا به الإمام أبو حنيفة رحمه الله، وهو أمر يسير لا يضره، ولكن المتعصّبة من أتباعه ركبوا الصعب والذلول لدفعه عنه مما أدى لجعله محلْ تَنَدِّرٍ من غيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>