للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلا على عتبة بن ربيعة أوائل سورة (فصلت) فلما بلغ «فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ» بادر عتبة فوضع يده على فم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وناشده الرحم أن يكف (١) . وكأن عبد الله بن عمرو حفظ هذا ولم يبحث عن قيمة ذاك المجن، ولا بلغه ما يغني عن ذاك فلما سئل بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - اضطر الى الحدس باعتبار الجنس كما تقدم شرحه، وقد علم عبد الله بن عمر بن الخطاب قيمة ذاك المجن على التحقيق، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل.

قال الطحاوي: «حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد ابن الاصبهاني أخبرني معاوية بن هشام عن سفيان عن منصور عم مجاهد وعطاء عن أيمن الحبشي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أدنى ما يقطع فيه السارق ثمن المجن. قال: وكان يقوم يومئذ ديناراً» .

أقول: هذا بهذا اللفظ من غريب هذا الوجه، وابن الاصبهاني كثير الغلط، (٢) وقد قال النسائي في (السنن) : «حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا معاوية قال:


(١) أخرجه البغوي في «تفسيره» (٧ / ٣٢٧) من طريق الحماني ثنا ابن فضيل عن الأجلح عن الذيال حرملة عن جابر بن عبد الله. وأعله الحافظ ابن كثير فيتفسيره (٣١٩٧) بلأجلح وهو ابن عبد الله الكندي الكوفي فقال: «وقد ضعف بعض الشيء» . قلت: والذيال هذا ترجمة أبي حاتم (١ / ٢ / ٤٥) ولم يذكر فيه جرماً ولا تعديلاً. والحماني هو عبد الحميد بن عبد الرحمن الكوفي قال الحافظ: «صدوق يخطأ» . وسيأتي كلام المصنف فيه ص ١١٠. ن
(٢) كذا الأصل وهو سهو من المصنف رحمه الله تعالى، أراد أن يقول: «معاوية بن هشام» فسبقه القلم وقال: «ابن الأصبهاني ... .» ثم لم ينتبه لذلك، فأعاده في الموضع الآخر ص ١١٠ س ٥، وجل من لا يسهو امن لا ينسى. أقول هذا لأن ابن الأصبهاني متفق عليه توثيقه، وهو من شيوخ البخاري في «الصحيح» ولم يجرحه أحد البتة، ولذلك قال الحافظ في ترجمته من «التقريب» : «ثقة ثبت» .
... وأما معاوية بن هشام فهو الذي ينطبق عليه قول المصنف: «كثير الغلط» ، وهو أخذ من قول أحمد فيه: «كثير الخطأ» وقول الحافظ: «صدوق له أو هام» فهو علة هذا اللفظ، حفظه عنه ابن الأصبهاني. ن

<<  <  ج: ص:  >  >>