قال الإمام أبو القاسم بن عساكر حافظ الشام في كتاب "تبيين كذب المفترى" فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري (ص ٢٧) وقذفوه (أي الإمام الأشعري) بمثل ما قذفت به اليهودُ عبدَ الله بن سلام، وأباه سلاماً.
ونقل في (ص ٤٠) عن أبي بكر القيرواني أن أبا الحسن لما رجع عن مذهب الاعتزال صار عند المعتزلة ككتابيّ أسلم، وأظهر عوار ما تركه، فهو أعدى الخلق إلى أهل الذمة، وكذلك الأشعري أعدى الخلق إلى المعتزلة، فهم يشنعون عليه الأشانيع،
وينسبون إليه الأباطيل.
وعلق عليه الكوثري فقال في تعليل ما قذفت به اليهود ابن سلام وأباه، حيث قال اليهود: هو شرنا وابن شرنا، وتنقصوه حين علموا أنه أسلم، بعد أن كانوا يقولون فيه: هو خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا، وهم قوم بهت أهل غدر وكذب وفجور، على ما جاء في صحيح البخاري وغيره.
(قال الكوثري) : وقد ورث منهم أفراخهم المشبهة الوقيعة في إمام السنة ببهتان يختلقونه هداهم الله تعالى. انتهى.
فانظر أيها المطلع البصير إلى هذه الوقيعة الشنيعة في أئمة التوحيد والفقه والحديث، وكيف يجعلهم الكوثري أفراخ اليهود، ويرميهم بالتشبيه وباختلاق البهتان، وهم لم يزيدوا على أن أثبتوا لله تعالى ما أثبته هو لنفسه، من غير تشبيه، ولا تمثيل، ولا تأويل، ولاتعطيل.
وهذا هو مذهب الإمام الأشعري الأخير الذي صار إليه، ودان الله به، وعزم أن يلقاه عليه.