رواه سابقا فأنه لا يلزم من تركه الرواية عنه باخرة أن يمحي ما رواه سابقا من الصدور والدفاتر ولا يتحتم على من بلغه الترك باخرة أن لا يروي ما سمعه سابقا.
وأما ما يروي عن ابن المبارك من الثناء فحاله تعرف بالنظر في أسانيده ومتونه كتلك الأبيات السخيفة التي يلهج بها الحنفية ومنهم الأستاذ. وقوم لم يتورعوا عن الكذب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مناقب إمامهم كيف يستبعد منهم الكذب على ابن المبارك؟ فإن قوي شيء من تلك الروايات فليوازن بينه وبين روايات الذم , على أنه لا مانع من أن يثني على رجل لمعنى ويذم لمعنى آخر بل هذا موجود بكثرة.
١٨٦- محمد بن أحمد بن الحسين بن القاسم بن الغطريف أبو أحمد الجرجاني الغطريفي الحافظ. في (تاريخ بغداد) ١٣ / ٣٢٥ «أخبرنا أبو نعيم الحافظ حدثنا أبو أحمد الغطريفي قال سمعت الساجي ... .» قال الأستاذ ص ١٨: «صاحب مناكير وقد أنكروا عليه حديثه في إهداء الرسول صلى الله عليه وسلم جملا لأبي جهل وكان يزعم أن فلانا وفلانا أفاداه من غير أن يخرج أصله وأنكروا عليه أيضا تحديثه بـ (مسند ابن راهويه) من غير أصله وقد تفرد عن أبي العباس بن سريج بأحاديث لم يروها عنه غيره وقد ذكره ابن الصلاح في عداد المختلطين ومع ذلك يبقى هو وأبو نعيم والخطيب مقبولين مرضيين عند أهل مذهبهم» .
أقول: قوله: «صاحب مناكير» لم يقلها أحد ولا في كلامهم ما يعطي ذلك كما سترى.
أما حديث الجمل ففي (الموطأ) في «المناسك»«باب ما يجوز من الهدي» : «مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى جملا كان لأبي جهل ابن هشام في حج أو عمرة» وهكذا رواه