يتابع أبا حنيفة في كل شيء، فهم مقبول. وليس هو المخاطب للشامي كما قد يوهمه كلام الأستاذ، وإنما المخاطب للشامي بما ذكر أبو حنيفة نفسه كما صريح الرواية، واحتمال أن يكون أبو حنيفة إنما أراد التنكيت لا يخفى حاله.
٢٥٨- نعيم بن حماد. ذكر الأستاذ ص ٤٩ عن (الأسماء والصفات) للبيهقي رواية من طريقة: «سمعت نوح بن أبي مريم أبا عصمة يقول: كنا عند أبي حنيفة أول ما ظهر جهم وجاءته امرأة من ترمذ كانت تجالس جهماً ... » وفي (تاريخ بغداد) ١٣ / ٣٩٦ من طريقة. «قال سفيان: ما وضع في الإسلام من الشر ما وضع أبو حنيفة إلا فلان - لرجل صلب» . قال الأستاذ ص ٤٩:«معروف باختلاق مثالب ضد أبي حنيفة، وكلام أهل الجرح فيه واسع الذيل، وذكره غير واحد من كبار علماء أصول الدين في عداد المجسمة بل القائلين باللحم والدم. وقال الأستاذ ص ١٠٧: «له ثلاثة عشر كتاباً في الرد على من يسميهم: الجهمية، ودعا إليها العجلي فاعرض عنها ... ولا شك أنه كان وضاع مثالب كما يقول أبو الفتح الأزدي وأبو بشر الدولابي وغيرهما، وكم أتعب أهل النقد بمناكيره، ويوجد من روى عنه من الأجلة رغبة في علو السند، ولا يرفع ذلك من شأنه إن لم يضع من شأن الراوي، ومن حاول الدفاع عنه يتسع عليه الخرق» .
أقول: نعيم من أخيار الأمة وأعلام الأئمة وشهداء السنة ما كفى الجهمية الحنفية أن اضطهدوه في حياته إذ حاولوا إكراهه على أن يعترف بخلق القرآن فأبى فخلدوه في السجن مثقلاً بالحديد حتى مات، فجر بحديده فألقي في حفرة ولم يكفن ولم يصل عليه - صلت عليه الملائكة - حتى تتبعوه بعد موته بالتضليل والتكذيب على أنه لم يجرؤ منهم على تكذيبه أحد قبل الأستاذ، إلا أن أحدهم وهو الدولابي ركب لذلك مطية الكذب فقال:«وقال غيره ... » .
أما عقيدته أئمة السنة المخلدة في كتاب الله عز وجل، وأما الذين كان يسميهم «الجهمية» فكان أئمة المسلمين في زمانه وقبله وبعده يسمونهم هذا الاسم،