وأما الأمر الثالث وهو قول الأستاذ «ولم يقل بتصحيحه إلا المتساهلون» ففيه مجازفة فقد صححه الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو عبيد القاسم بن سلام، وحكى الشافعي عن مناظرة من الحنفية ويظهر أنه محمد بن الحسن أنه اعترف بثبوته، كما في كتاب (اختلاف الحديث) بهامش (الأم) ج٧ص ١١٥ولفظة «فقلت: أليس تثبيت الأحاديث التي وصفت. فقال: أما حديث الوليد بن كثير «وهو حديث القلتين» ، وحديث ولوغ الكلب في الماء، وحديث موسى بن أبي عثمان فتثبت بإسنادها، وحديث بئر بضاعة فيثبت بشهرته وأنه معروف» ؛ واعترف الطحاوي بصحته كما يأتي، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم، قال الحاكم في (المستدرك) ج١ص١٣٢: «حديث صحيح على شرط الشيخين فقد احتجا جميعاً بجمع رواته ولم يخرجاه، وأظنهما والله أعلم لم يخرجاه لخلاف فيه ... » ثم ذكر الخلاف وأثبت أن ما هو متابعة تزيد الحديث قوة.
وأما الأمر الرابع وهو قول الأستاذ:«ولم ينفع تصحيح صححه لعدم تعين المراد بالقلتين» ففي (فتح الباري) : «واعترف الطحاوي من الحنفية بذلك (يعنى بصحة الحديث) لكنه اعتذر عن القول به بأن القلة في العرب تطلق على الكبيرة والصغيرة كالجرة ولم يثبت في الحديث تقديرهما فيكون مجملاً فلا يعمل به وقواه ابن دقيق العيد ... .»
أقول: قال الله عز وجل: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} ومن المساكين الصغير والكبير والطويل الجسيم والقصير القضيف، ومن المماليك الصغير والكبير وقد يقال نحو ذلك في الإطعام والكسوة إذ يصدقان بتمرة تمرة وقلنسوة، وأمثال هذا في النصوص كثير، وفيها ذكر المقادير كالصاع والرطل والمثقال والميل والفرسخ وغير ذلك مما