في (تاريخ بغداد) ١٣ / ٣٩٠ من طريق يوسف بن أسباط قال: «وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرع بين نسائه إذا أراد أن يخرج في سفر، وأقرع أصحابه، وقال أبو حنيفة: القرعة قمار» قال الأستاذ ص ٨٧: «وأما مسألة القرعة فقد قصرها أبو حنيفة على موردها وقال: إنما يجري الإقراع عند إرادة السفر بين النساء، وعند القسمة التي ليس فيها باطل حق ثابت، باعتبار أن القرعة وردت في ذلك على خلاف القياس» .
أقول: الذي في كتب الحنفية عن أبي حنيفة أنه لا حكم للقرعة، وإنما تستحب تطييباً للنفس ثم لا يلزم العمل بها، فللزوج أن يخرج بأي أزواجه شاء حتى لو أقرع فخرج سهم إحداهن فله الخروج بغيرها. وهكذا في القسمة يكون حق التعيين للقاضي. وقد بقين للقرعة موارد أخرى. ودعوى أنها خلاف القياس كأنه أريد بها في الأصل قمار. وسنوضح بعون الله عز وجل بطلان ذلك ونثبت أن القرعة في بابها قياس من أعدل الأقيسة وأقومها وأوفقها بالأصول، وأن جعل التعيين إلى الزوج والقاضي في الفرعين السابقين هو مخالف للأصول.
أعلم أن صورة القرعة قد تستعمل في أربعة أبواب:
الباب الأول: أن يقصد بها إبطال حق صاحب الحق وجعله لمن لا يحق له، كأن يقول الرجل لصاحبه ألق خاتمك وألقي خاتمي ونقترع عليهما فأينا خرج سهمه استحق الخاتمين. أو يقول أحدهما: أقارعك على خاتمي هذا فإن خرج سهمك