للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العارفين بتقويم المسروق، وابن عمر في دينه وتقواه وورعه وعلمه بأنه سيبنى على خبره قطع أيد كثيرة لا يظن به أن يجزم إلا مستنداً إلى ما جرى به التقويم بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الثاني: أن أثبت الرويات وأكثرها عن ابن عمر بلفظ: «ثمنه» كما تراه في (صحيح البخاري) مع (فتح الباري) وأصل الفرق بين الثمن والقيمة أن الثمن هو ما يقع عوضاً عن السلعة، والقيمة ما تقوم به السلعة فمن اشترى سلعة بثلاثة دراهم، وكانت تساوي أكثر أو أقل فالثلاثة ثمنها، والذي تساويه هو قيمتها، فإذا أتلف رجل سلعة الآخر فقومت بثلاثة دراهم فقضى بها الحاكم فقد لزمت الثلاثة عوضاً عن السلعة، فصح أن تسمى ثمناً لها فهكذا السلعة المسروقة لا يحسن أن يقال: «ثمنها ثلاثة دراهم» إلا إذا كانت قومت بأمر الحاكم بثلاثة دراهم فقضى بحسب ذلك. وكأن هذا هو السر في اعتناء البخاري باختلاف الرواة في قول بعضهم «ثمنه» وبعضهم «قيمته» مع أن قول بعضهم «قيمته» لا يخالف ما تقدم، لأن ما وقع به التقويم فالقضاء يصح أن يسمى «قيمته» لكن مالم يعلم أنه وقع به التقويم فالقضاء، فإنه لا يصح أن يسمى ثمناً فتدبر.

الثالث: أن ابن عمر لوبنى على حدسه لكان الغالب أن تتردد.

الرابع: أن الاختلاف في تقويم السلعة بين عارفيها وعارفي قيم جنسها في المكان والزمان الواحد لا يكون بهذا القدر، يقول هذا: ثلاثة. ويقول الآخر: عشرة. قال ابن حجر في (الفتح) : «محال في العادة أن يتفاوت هذا فقد جاء في بعض الروايات عن أبن عمر كما في (سنن أبي داود) والنسائي «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع يد السارق سرق ترساً صفة النساء ثمنه ثلاثة دراهم (١) وهذا يدل على إتقان ابن عمر للواقعة ومعرفة بها فهو المقدم على غيره.

هذا كله على فرض صحة خبر ابن


(١) د قلت: وإسناد هذه الرواية صحيح عل شرط الشيخين. ن

<<  <  ج: ص:  >  >>