للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاثبات عبقرية أبي حنيفة (١)

وأسند ابن عبد البر ص ١٥٧ إلى حكام بن سلم قيل لأبي حنيفة إن العزرمي يقول: "سافرت عائشة مع غير محرم " فقال أبو حنيفة: وما يدري العزرمي ما هذا؟ كانت عائشة أم المؤمنن كلهم، فكانت من كل الناس ذات محرم اهـ

ولا أدري هل كان العزرمي يلتزم جميع لوازم الأمومة من خلوة وكشف زينة

وتوارث، أم يقتصر بها على الحرمة، حرمة الزواج بها المنصوصة في القرآن، والاحترام

والمودة فقط. وما لنا نسأل العزرمي، وإنما نسال مصور الحكاية هل هذه الأمومة

حرمت أخوات أمهات المؤمنن وبناتهن على المؤمنين، وأجازت لهن الخلوة وكشف

الزينة على المؤمنن، فضلا عن قسمة ما يملكنه تعد موتهن على أبنائهن المؤمنين الخ.

أما سفر عائشة رضي الله عنها بغير محرم فلها عند الله عذر وتأويل نتركه لها. ولها

عندنا من الحسنات ما يغطي ذلك.

وأسند ص ١٥٨: عن زفر بن الهذيل قال: اجتمع أبو حنيفة، وابن أبي ليلى

وجماعة من العلماء في وليمة لقوم، فأتوهم بطيب في مدهن فضة، فأبوا أن يستعملوه

لحال المدهن، فأخذه أبو حنيفة وسلته باصبعه وجعله في كفه، ثم تطيب به. وقال

لهم: ألم تعلموا أن أنس بن مالك أُتي بخبيص في جام فضة فقلبه على رغيف ثم

أكله! فتعجبوا من فطنته وعقله اهـ.

وعجبي من مصور الحكاية أن يفوته أن أخذ أبي حنيفة للمدهن وسلت الطيب

منه، هو استعمال للمدهن الفضة واقرار لهذا الاستعمال، فإذا قصد بها ذكر ذكاء أبب

حنيفة، فقد حطه في الفهم والورع من حيث لا يشعر، فتناول آنية فضة وإخراج ما

فيها، هو استعمال لا يخفى على من دون أبي حنيفة.


(١) وفساد هذا الرأي أدركه أحد كبار المتعصبة للأحناف في هذا العصر فقد استفتى بحالة مماثلة
جرت في اوربة فأفتى بفساد دعوى الزواج، ومنع إلحاق الولد. فهل فعل ذلك اجتهاداً منه مع
مخالفته لأبي حنيفة؟ أم فعله بناء على أنه من الأمور الحادثة التي لم يعرفها الأئمة مثل:، "التأمين،
والعقود التجارية، وأنواع الربا" الخ. اللهم احفظ ديننا وعقولنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>