للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«نبراس الساري» الذي لا أجحد إفادته وإن كان يتمكن من ترتيبه الطالب العادي فما يظهر من كلامه أن الدارقطني إنما يصحح ما يوافق مذهب الشافعي (١) وذكر ص ٤٢ خبرا فيه الأمر بغسل الإناء من ولوغ الهر فصححه وهو خلاف مذهب الشافعي، ولذلك نظائر لا أرى حاجة لتتبعها.

وأما ما ذكر من اختلاف الظاهر كلامه في ابن أبي ليلى فذلك لاختلاف مقتضى الحال. ينبغي أن تعلم أن كلام المحدث في الراوي يكون على الوجهين:

الأول: أن يسأل عنه في فيحيل فكره في حاله في نفسه وروايته ثم يستخلص من المجموع ذلك معنى يحكم به.

الثاني: أن يستقر في نفسه هذا المعنى ثم يتكلم في ذاك الراوي في صدد النظر في الحديث الخاص من روايته، فالأول هو الحكم المطلق الذي لا يخالفه حكم آخر مثله إلا لتغيير الاجتهاد. وأما الثاني فإنه كثيراً ما ينحي به نحو حال الراوي في ذاك الحديث، فإذا كان المحدث يرى أن الحكم المطلق في الراوي أنه صدوق كثير الوهم ثم تكلم فيه في صدد حديث من روايته ثم في صدد حديث آخر وهكذا، فإنه كثيراً يتراءى اختلاف ما بين كلماته، فمن هذا أن الحجاج بن أرطأة عند الدارقطني صدوق يخطئ فلا يحتج بما ينفرد به واختلفت كلماته فيه في (السنن) فذكره ص ٣٥ في صدد الحديث وافق فيه جماعة من الثقات فعده الدارقطني في جملة «الحفاظ الثقات» كما مر، وذكره ص ٥٣١ في صدد حديث أخطأ فيه وخالف مسعراً وشريكاً فقال الدارقطني: «حجاج ضعيف» وذكره في مواضع أخرى فأكثر ما يقول: «لا يحتج به» وعلى هذا ينزل كلامه في ابن أبي ليلى فإنه عنده صدوق سيء الحفظ، ففي


(١) قلت: وهو الصحيح، لأن للحديث شواهد يتقوى بها، خرجتها في «إرواء الغليل

<<  <  ج: ص:  >  >>