اقتصرت على أول العبارة لأوهم أن شيخ يعقوب في ذاك السند ثقة يحتج به ! وهذا كما ترى، أولاً لأن سياق كلامي هناك واضح في أني إنما أردت تعيين شيخ يعقوب فأما الاحتجاج وعدمه فلا ذكر له هناك.
ثانياً لأن بقية عبارة يعقوب لا تعطي أن شيوخه كلهم غير الأَحْمَدَيْن لا يحتج بأحد منهم في الرواية، كيف وفيهم أئمة أجلة قد أحتج براويتهم الأحمدان أنفسهما، بل قام الإجماع على ذلك، وإنما أراد يعقوب بالحجة عند الله من يؤخذ بروايته ورأيه وقوله وسيرته.
الثالثة: أن كلمة ابن مهدي لا توافق مقصود الأستاذ فأنها تعطي بظاهرها أن كلمة «ثقة» إنما تطلق على الدرجات كشعبة وسفيان، ومع العلم بأن ابن مهدي وجميع الأئمة يحتجون برواية عدد لا يحصون ممن هم دون شعبة وسفيان بكثير فكلمته تلك تعطي بظاهرها أن من كان دون شعبة وسفيان فإنه وإن كان عدلاً ضابطاً تقوم الحجة بروايته فلا يقال له «ثقة» بل يقال «صدوق» ونحوها وأين هذا من الأستاذ؟
الرابعة: أن كلمة ابن مهدي بظاهرها منتقدة من وجهين:
الأول: أنه وكافة الأئمة قبله وبعده يطلقون كلمة «ثقة» على العدل الضابط وإن كان دون شعبة وسفيان بكثير.
الثاني: أن أبا خلدة قد قال فيه يزيد بن زريع والنسائي وابن سعد والعجلي والدارقطني «ثقة» وقال ابن عبد البر «هو ثقة عند جميعهم وكلام ابن مهدي لا معنى له في اختيار الألفاظ» وأصل القصة أن ابن مهدي كان يحدث فقال «حدثنا أبو خلدة -» فقال له رجل «كان ثقة؟» فأجاب ابن مهدي بما مر. فيظهر لي أن السائل فخم كلمة «ثقة» ورفع يده وشدها بحيث فهم ابن مهدي أنه