للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ربع دينار» . اعترف به الطحاوي بقوله: «قد يجوز أن يكون معناها في ذلك ما طال علي ولا نسيت ما قطع فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - مما كانت قيمته عندها ربع دينار» .

أقول: قد مر دفع الاحتمال وبيان أنه لا يعرف فيما قطع فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - وآله وسلم ما هو قليل إلا المجن، وقد دل حديث (الصحيحين) عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة على أنها لم تكن تعرف المجن ولا قيمته. وبهذا يتبين أن رواية عبد الله بن أبي بكر وعبد ربة ورزيق تدل أيضاً على الرفع، فإن التقدير بربع دينار ليس مما يقال بالرأي، ولا يعرف ما تأخذ عائشة منه ذلك إلا ما ثبت عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قوله، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

ثم جعجع الطحاوي بما علم رده مما تقدم ثم قال: «فلما اضطرب حديث الزهري على ما ذكرنا، وأختلف على غيره عن عمرة كما وصفنا، أرتفع ذلك كله فلم تجب الحجة بشيء منه إذا كان بعضه ينقض بعضاً» .

كذا قال، وقد أقمنا الحجة الواضحة على انه لا اضطراب ولا تناقض (١) ثم


(١) قلت، ومما يسهل على القارئ المنصف تبين سقوط كلام الطحاوي أنه لو سلمنا جدلاً بصحة ما ادعاه من الاضطراب في الحديث فهي محصورة في الطرق التي ساقها هو إلى الزهري، ومن تابعه في روايته عن عمرة، ولكن الطحاوي لم يستوعب الطرق كلها أو جلها إليه وإليها. كما فعل المصنف جزاه الله خيراً فقد ذكر متابعة عشرة من الثقاة للزهري عن عمرة عن عائشة. وكلهم أتفقوا على رفعه، إلا يحيى بن سعيد في إحدى الروايات عنه، وهي في حقيقتها لا تخالف الروايات الأخرى المرفوعة، وهب أن الرواية عند يحيى مضطرية أيضاً، ففي الروايات التسع ما يكفي ويشفي، وكلها متفقة على الرفع، وبأقل من ذلك يثبت الرفع كما لا يخفى على المصنف، وهي وإن اختلفت في ضبط الكتن، هل هو: «تقطع اليد ... » أو «لا تقطع ... » والمؤلف رجح الأول، وقد يمكن ترجيح الآخر بقاعدة «زيادة الثقة مقبولة» ، وسواء كان هذا أو ذاك، فالحجة في الحديث قائمة على أن اليد تقطع في ربع دينار، وذلك ما لا يقوله الطحاوي تبعاً لمذهبه. والله المستعان. ن.

<<  <  ج: ص:  >  >>