وتقدم شرحه في الفصل الأول، وهب أن غرضي ما زعمه الأستاذ وأنه يلزم من صنيعي تثبيت مقتضى تلك الحكايات فلا يخلو كلامي مبيناً على الأصول المألوفة المعروفة، أو يكون على خلاف ذلك، فإن كان الأول فلازم الحق حق، وإن كان الثاني ففي وسع الأستاذ أن يوضح فساده بالأدلة المقبولة، فعلى أهل المعرفة أن يحاكموا بين (طليعتي) و (ترحيبه) حتى يتبين لهم أقام بنقض كلامي بأدلة مقبولة عند أهل العلم أم ردف ما في (التأنيب) من تهويل ومغالطة وتمحل بمثلها ولم يكد يضيف إلى ذلك إلا رمي مؤلف (الطليعة) ببغض أبي حنيفة؟! كأن الأستاذ يرى أن تلك المهاجمة لا تتقى إلا بالهوى، فأثاره ما استطاع في نفوس أتباعه الذين يهمه شأنهم ليضرب به بينهم وبيم (الطليعة) و (التنكيل) حجاباً لا تمزقه حجة ولا يزيده الله تعالى بعد استحكامه إلا شدة.
والواقع أن مقصودي هو ما شرحته في الفصل السابق ولذلك أهملت ذكر المتون لأنها خارجة عن مقصودي ومع ذلك ففي ذكرها مفاسد:
الأولى: ما أشار إليه الأستاذ في الجملة وهو أن يطلع عليها حنفي متحمس فيحمله ذكر المتن على أن يعرض عن كلامي البتة ولا يستفيد إلا بغض من نسب إليه المتن من الأئمة.
الثانية: أن يطلع عليها رجل من خصوم الحنفية فيجترئ بذاك المتن ويذهب يعيب أبا حنيفة غير مبال أصح ذاك المتن أم لم يصح.
الثالثة: أن يطلع عليها عامي لا يميز فيقع في نفسه أن أئمة السلف كان بعضهم يطعن في بعض ويكبر ذلك عليه ويسيء الظن بهم جميعاً.
فإهمال ذكر المتن يمنع هذه المفاسد كلها ولا يبقى أمام الناظر إلا ما يتعلق بتلك القضايا الخاصة التي ناقشت فيها الأستاذ.
والواقع أيضاً أنه لا يلزم من صنيعي تثبيت الذم ولا يلزمني قصد ذلك، ومن تأمل عبارات الأستاذ في الجهة الأخرى بان له صحة قولي. وأزيد ذلك