للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استنباط أصول يمكنهم إذا تشبثوا بها أن يعتذروا عن الأحاديث التي ردوها بعذر سوى مخالفة القياس وسوى الجمود على إتباع أشياخهم، ولكن تلك الأصول مع ضعفها لا تطرد لهم لأن أشياخهم قد أخذوا بما يخالفها ولهذا يكثر تناقضهم، وفي مناظرات الشافعي لهم كثير من بيان تناقضهم بل من تدبر ما كتبوه في أصول الفقه بان له كثير من التناقض، كما ترى المتأخر منهم يخالف المتقدم حتى أن الأستاذ الكوثري ذكر في (التأنيب) ص ١٥٢ - ١٥٣ عدة أصول لمحاربة السنن الثابتة ومنها ما خالف فيه من تقدمه منهم، ولما تعقبته في (الطليعة) ص ١٠٢ في قوله: «عنعنة قتادة متكلم فيها» بأن الحديث في (صحيح البخاري) وفيه «حدثنا قتادة حدثنا أنس ... » وفي مسند أحمد وفيه «أن قتادة أن أنساً أخبره ... » أجاب في (الترحيب) ص ٤٩ بقوله من مذهب أبي حنيفة أيضاً كما يقول ابن رجب في (شرح علل الترمذي) رد الزائد إلى الناقص في الحديث متناً وسنداً. وهذا احتياط بالغ في دين الله ... فهل عرفت الآن يا معلمي مذهب الإمام لتقلع عن نسج الأوهام» (١) .

هذا والأستاذ يعلم أولاً أن النسبة إلى أبي حنيفة لا يكفي في إثباتها قول رجل حنبلي بينه وبين أبي حنيفة عدة قرون!

ويعلم ثانياً ما في كتب مذهبه مما يخالف هذا.

ويعلم ثالثاً أن قول الراوي: «قتادة عن أنس» وقوله مرة أخرى أو قول غيره: «قتادة حدثنا أنس» ومرة أخرى: «قتادة أن أنساً أخبره» ليس من باب النقص والزيادة وإنما هو من باب المحتمل والمعين أو المجمل والمبين.

ويعلم رابعاً أن أصل الحنفية الاحتجاج بالمنقطع، فما لم يتبين انقطاعه بل هو متردد بين الاتصال والانقطاع أولى، فإذا ثبت مع ذلك اتصاله من وجه آخر فآكد.

ويعلم خامساً أنه لا ينبغي له أن يدافع عن نفسه بإلقاء التهم على إمامه.


(١) يلاحظ أن العلامة المعلمي يخاطب الكوثري بـ: (الأستاذ) ، و (العلامة) ... والكوثري يخاطبه بهذه الجلافة. زهير

<<  <  ج: ص:  >  >>