من طريق عبد العزيز بن أبي ثابت (وهو عبد العزيز بن عمران) عن محمد بن عبد العزيز عن ابن أبي نهشل عن أبيه قال قال لي أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام ... » ولو راجع تراجم هؤلاء في كتب رجال الحديث وفكر في أحوالهم وفي حال القصة لعلم بطلان القصة حتماً.
ومن الموانع خوف الضرر الدنيوي، وأولئك الكتاب يعرفون شرط هذا المانع وهو الضرر المادي فإنهم يعلمون أن أرباب المصانع والمتاجر الكبيرة يتجنبون الخيانة والكذب في المعاملات خوفاً من أن يسقط اعتماد المعاملين عليهم فيعدلوا إلى معاملة غيرهم. بل أصحاب المصانع والمتاجر الصغيرة يجرون على ذلك غالباً وإلا لكانت الخصومات مستمرة في الأسواق بل لعلها تتعطل الأسواق فليتدبر القارئ ذلك. فأما الشطر المعنوي فإن أولئك الكتاب لا يقدرون قدره فأقول: كان العرب يحبون الشرف ويرون أن الكذب من أفحش العيوب المسقطة للرجل وفي أوائل (صحيح البخاري) في قصة أبي سفيان بن حرب أن هرقل لما جاءه كتاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم دعا بمن كان بالشام من تجار قريش فأتى بأبي سفيان ورهط معه قال «ثم دعاهم ودعا ترجمانه وقال: أيكم أقرب نسباً بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قال أبو سفيان: قلت: أنا أقربهم نسباً، قال أدنوه مني وقربه أصحابه فجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه: قل لهم أني سائل هذا عن هذا الرجل فإن كذبني فكذبه قال: فوالله لولا الحياة من أن يأثروا عليَّ كذباً لكذبت عليه قال ابن حجر في «فتح الباري» : وفي قوله يأثروا دليل دون قوله يكذبوا دليلاً على أنه كان واثقاً منهم بعدم التكذيب أن لو كذب لاشتراكهم معه في عداوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكنه ترك ذلك استحياءً وأنفة من أن يتحدثوا بعد أن يرجعوا فيصير عند سامعي ذلك كذاباً وفي رواية ابن اسحق التصريح بذلك» أقول وهذا هو الذي أراده هرقل ثم جاء الإسلام فشدد في تقبيح الكذب جداً حتى قال الله عز وجل {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ} وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن رجلاً كذب عليه فبعث علياً والزبير وقال «أذهبا فإن