للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع هذا كله فالصواب في الجرح والتعديل هو الغالب، وإنما يحتاج إلى التثبت والتأمل فيمن جاء فيه تعديل وجرح، ولا يسوغ ترجيح التعديل مطلقاً بأن الجارح كان ساخطاً على المجروح، ولا ترجيح الجرح مطلقاً بأن المعدل كان صديقاً له، وإنما يستدل بالسخط والصداقة على قوة احتمال الخطأ إذا كان محتملاً، فأما إذا لزم من إطراح الجرح أو التعديل نسبة من صدر منه ذلك إلى افتراء الكذب أو تعمد الباطل أو الغلط الفاحش الذي يندر وقوع مثله من مثله فهذا يحتاج إلى بينة أخرى، لا يكفي فيه إثبات أنه كان ساخطاً أو محباً -

وفي (لسان الميزان) ج ١ ص ١٦:

«وممن ينبغي أن يتوقف في قبول قوله في الجرح، من كان بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد، فإن الحاذق إذا تأمل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأي العجب، وذلك لشدة انحرافه في النصب وشهرة أهلها بالتشيع فتراه لا يتوقف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلقة وعبارة طلقة حتى أنه أخذ يلين مثل الأعمش وأبي نعيم وعبيد الله بن موسى وأساطين والحديث، وأركان الرواية، فهذا إذا عارضه مثله أو أكثر منه فوثق رجلاً ضعفه قبل التوثيق، ويلتحق به عبد الرحمن بن يوسف بن خراش المحدث الحافظ فإنه من غلاة الشيعة بل نسب إلى الرفض فيتأنى في جرحه لأهل الشام للعداوة البينة في الاعتقاد ويلتحق بذلك ما يكون سببه المنافسة في المراتب ما يقع بين العصرين الاختلاف والتباين وغيره فكل هذا ينبغي أن يتأنى فيه ويتأمل» .

أقول: قول ابن حجر: «ينبغي أن يتوقف» مقصودة كما لا يخفي التوقف على وجه التأني والتروي والتأمل، وقوله: «فهذا إذا عارضه مثله ... قبل التوثيق» محله ما هو الغالب من أن لا يلزم من إطراح الجرح نسبة الجارح إلى افتراء الكذب، أو تعمد الحكم بالباطل، أو الغلط الفاحش الذي يندر وقوعه، فأما إذا لزم شيء من هذا فلا محيص عن قبول الجرح إلا أن تقوم بينة واضحة تثبت تلك النسبة.

وقد تتبعت كثيراً من كلام الجوزجاني في المتشيعين فلم أجده متجاوزاً الحد،

<<  <  ج: ص:  >  >>