يريد أنه إذا كان عارفاً باختلاف الفقهاء فالظاهر أنه لا يجرح إلا بما هو جرح باتفاقهم.
وأقول: لا بد من الفرق بين جرح الشاهد وجرح الراوي، وبين ما إذا كان هناك ما يخالف الجرح وما إذا لم يكن هناك ما يخالفه، فأما الشاهد فله ثلاث أحوال:
الأولى: أن تكون قد ثبتت عدالته في قضية سابقة وقضى بها القاضي ثم جرح في قضية أخرى.
الثانية: أن لا تكون قد ثبتت عدالته ولكن وسئل عنه عارفوه، فمنهم من عدله ومنهم من جرحه.
الثالثة: أن لا يكون قد ثبتت عدالته وسئل عنه عارفوه فجرحه بعضهم وسكت الباقون.
فأما الثالثة: فإن كان القاضي لا يقبل شهادة من لم يعدل فأي فائدة في استفسار الجارح؟ وإن كان يقبلها فلضعفها يكفي الجرح المجمل.
وأما الثانية: فقد يكثر الجارحون فيغلب على الظن صحة جرحهم وإن أجملوا، وقد لا تحصل غلبة الظن إلا بالدرجة الثانية من الجرح وهي بيان السبب، وقد لا تحصل إلا بأزيد منها مما مر بيانه، وإذا كان القاضي متمكناً من الاستفسار لحضور الجارح عنده أو قربه منه فينبغي أن يستوفيه على كل حال لأنه كلما كان أقوى كان أثبت للحجة وأدفع للتهمة.
وأما الأولى: فينبغي أن لا يكفي فيها جرح مجمل ولو مع بيان السبب بل يحتاج إلى بيان المستند بما يدفع ما يحتمل من الخلل.
وأما الراوي فحاله مخالفة للشاهد فيما نحن فيه من أوجه: