والمقصود أن مراد سليمان من بيان صلاحية الرجلين لرعي الغنم هو تحقيق تشابهما في رأي العين كما يبينه السياق، ووجه ذلك أن من عادة الغنم أنها تنقاد لراعيها الذي قد عرفته وألفته وأنست به وعرفت صوته، فإذا تأخر ذاك الراعي في بعض الأيام وخرج بالغنم آخر لم تعهده الغنم لقي منها شدة لا تنقاد له ولا تجتمع على صوته ولا تنزجر بزجره. لكن لعله لو كان الثاني شديد الشبه بالأول لانقادت له الغنم، تتوهم أنه صاحبها الأول، فأراد سليمان أن تشابه جرير وأبي عوانة شديد بحيث لو رعى أحدهما غنماً مدة حتى عرفته وأنست به ثم تأخر عنها وخرج الآخر لانقادت له الغنم، تتوهم أنه الأول.
وقد روى سليمان بن حرب عن الرجلين، وقال أبو حاتم:«كان سليمان بن حرب قل من يرضى من المشايخ، فإذا رأيته قد روى عن شيخ فاعلم أنه ثقة» . أما الكوثري فإنه احتاج إلى الطعن في هذين الحافظين الجليلين جرير وأبي عوانة، فكان مما تمحله للطعن فيهما تلك الكلمة، وقطعها، وفصلها بحيث يخفي المراد منها، فقال في صفحة ١٠١ في جرير «مضطرب الحديث لا يصلح إلا أن يكون راعي غنم عند سليمان بن حرب» .
وقال ص ٩٢ في أبي عوانة:«كان يراه سليمان بن حرب لا يصلح إلا أن يكون راعي غنم» وأعاد نحو ذلك ص ١١٨. هب أنه لا يعرف عادة الغنم فقد كان ينبغي أن ينبهه السياق، ولعله قد تنبه ولكن تعمد المغالطة، ولذلك قطع العبارة وفصلها. والله المستعان (١) .
٣- محمد بن عبد الوهاب أبو أحمد الفراء. قال الكوثري ص ١٣٥: «معلول عند أبي يعلى الخليلي في (الإرشاد) » .
أقول: إطلاق كلمة معلول على الراوي من بدع الكوثري، والذي في ترجمة محمد بن عبد الوهاب من «تهذيب التهذيب» : قال الخليلي في (الإرشاد) عقب حديث علي بن هشام بن سعير بن الخمس عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله - في
(١) لم يجب الكوثري في الترحيب عن هذا بشيء يذكر. وراجع التنكيل ١/ ٢١٦/ ٦٣. ن