الفضل «كان والله ثقة» وقال ابن حبان في (الثقات)«كان متقناً ضابطاً صحب ابن عيينة سنين كثيرة، وسمع أحاديثه مراراً ... » ولقد حدثنا أبو خليفة ثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال: حدثنا سفيان بمكة و «عبَّادان» وبين السماعين أربعون سنة. سمعت أحمد بن زنجويه يقول سمعت جعفر بن أبي عثمان الطيالسي يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: كان الحميدي لا يكتب عند سفيان بن عيينة وإبراهيم بن بشار أحفظهما. أقول يتحصل من مجموع ما ذكر أن إبراهيم كان قد سمع من سفيان بن عيينة قديماً ثم كان يحضر مجالسه فربما حد حدث سفيان ببعض تلك الأحاديث فربما أبدل كلمة بأخرى أو نحو ذلك على ما هو معروف من عادة سفيان في الرواية بالمعنى، وكان بعض الحاضرين لا يتمكنون من الحفظ أو الكتابة وقت السماع فإذا فرغ المجلس رغبوا إلى إبراهيم فيملي عليهم ذاك المجلس فربما أملي عليهم كما حفظ سابقا ويكون في ذلك ألفاظه مغايرة للألفاظ التي عبر عنها سفيان في ذاك المجلس، فذاك الذي أنكره عليه أحمد ويحيى، وقد يقال إن كان إبراهيم لم يشعر بالاختلاف فالخطب سهل وإن شعر به فغايته أن يكون استساغ للجماعة أن يذهب أحدهم فيروي عن سفيان كما حدث سفيان قديماً وإن كان هو إنما سمعه بتغيير ما في الألفاظ كما ساغ لسفيان أن يروي ما سمعه تارة كما سمعه، وتارة بتغيير ما في الألفاظ، بل هذا أسوغ فإن اللفظيين كلاهما صحيح عن سفيان. وبالجملة فهذا توسع في الرواية بالمعنى لا يوجب جرحا، وظاهر قول أحمد «كأنه يغير الألفاظ» أنه جوز أن إبراهيم يغير الألفاظ من عنده وذلك أشد، وهكذا ما يروي عن ابن معين قال في إبراهيم «رأيته ينظر في كتاب وابن عيينة يقرأ ولا يغير شيئاً ليس معه ألواح ولا دواة» فالكتاب الذي كان ينظر فيه سماعه القديم من ابن عيينة فكان يعيد سماعه ليتثبت وقد عرف عادة ابن عيينة في الرواية بالمعنى فلم يكن يلتفت إلى اختلاف بعض الألفاظ ولعله لو رأى اختلافا معنويا لراجع ابن عيينة إما في المجلس وإما بعده.