رأيت أحداً أقدمه عليه» وقال الفضيل بن عياض:«ربما اشتقت إلى المصيصة وما بي فضل الرباط بل لأرى أبا إسحاق» وقال أبو داود الطيالسي: «مات أبو إسحاق الفزاري وليس على وجه الأرض أفضل منه» وقال عبد الرحمن بن مهدي: «إذا رأيت شامياً يحب الأوزاعي وأبا إسحاق فاطمئن إليه، كانا إمامين في السنة» وقال أبو أسامة: «سمعت فضيل بن عياض يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم وإلى جنبه فرجة، فذهبت لأجلس، فقال: هذا مجلس أبي إسحاق الفزاري، والثناء على أبي إسحاق كثير، وفي هذا كفاية.
فهؤلاء الأئمة ونظراؤهم الراضون عن أبي إسحاق والموافقون والمثنون عليه هم الذين سماهم الأستاذ فيما تقدم من عبارته «أصحاب الأغراض» وقال الأستاذ ص ٦٦ في شأن أبي إسحاق: «حاله في علمه كما علمت وإنما وقعت ذلاقة لسانه في الوقوع في الناس موقع الإعجاب عند كثير ممن يحبون الوقوع في خصومهم بألسنة أناس آخرين فرفعوه إلى غير مرتبته!.
أقول: إذا كان هؤلاء ساخطين على أبي حنيفة هذا السخط الذي يصوره الأستاذ فليت شعري من بقي غيرهم من أئمة الدين يسوغ أن يقال إنه راض عن أبي حنيفة؟ وهل بقي إلا كسير وعوير، وثالث ما فيه خير؟ !
وقال الأستاذ ص ٧٧: «قال الحافظ (؟) ابن أبي العوام: حدثني ... سمعت إسماعيل ابن داود يقول: كان عبد الله بن المبارك يذكر عن أبي حنيفة فكانوا إذا اجتمعوا بالثغر - يعني المصيصة - لم يحدث ابن المبارك عن أبي حنيفة بشيء ولا يذكر أبو إسحاق الفزاري أبا حنيفة بسوء حتى يخرج ابن المبارك» .
أقول: إن صحت هذه الحكاية فإنما تدل على أدب كل من الإمامين مع صاحبه وحسن اعتقاده فيه، ولو كان ابن المبارك يرى أن أبا إسحاق يكذب على أبي حنيفة ويحكي عنه ما لم يكن ويتكلم فيه بالهوى ما ساغ لابن المبارك أن يسكت.