ولا ندري من حدث الخطيب ومع الجهالة به لا تثبت القصة لكن ابن حجر شدها بأن الخطيب مكي في ترجمة أحمد بن أحمد السِّيبي أنه قال «قدمت بغداد وأبو بكر بن مالك حي ... . فقال لنا ابن الفرضي لا تذهبوا إلى ابن مالك فأنه قد ضعف واختل ومنعت ابني السماع منه» وهذه الحكاية في (التاريخ) ج ٤ ص٤ لكن ليس فيها ما في تلك المنقطعة مما يقتضي فحش الاختلاط وقد قال الذهبي في (الميزان) بعد ذكر الحكاية الأولى «فهذا القول غلو وإسراف» .
أقول ويدل على أنه غلو وإسراف أن المشاهير من أئمة النقد في ذلك العصر كالدارقطني والحاكم والبرقاني لم يذكروا اختلاطاً ولا تغيراً.
وقد غمزه بعضهم بشيء آخر قال الخطيب «كان بعض كتبه فاستحدث نسخها من كتاب لم يكن فيه سماعه فغمزه الناس إلا أنا لم نر أحداً امتنع من الرواية عنه ولا ترك الاحتجاج به، وقد روى عنه من المتقدمين الدارقطني وابن شاهين ... سمعت أبا بكر البرقاني سئل عن ابن مالك فقال كان شيخاً صالحاً ... ثم غرقت قطعة من كتبه بعد ذلك فنسخها من كتاب ذكروا أنه لم يكن سماعه فيه فغمزوه لأجل ذلك وإلا فهو ثقة» قال الخطيب «وحدثني البرقاني قال: كنت شديد التنقير عن حال ابن مالك حتى ثبت عندي أنه صدوق لا يشك في سماعه وإنما كان فيه بله، فلما غرقت «القطيعة»(١) بالماء الأسود غرق شيء من كتبه فنسخ بدل ما غرق من كتاب لم يكن فيه سماعه» .
أقول أجاب ابن الجوزي في (المنتظم) ج ٧ ص ٩٣ عن هذا بقوله «مثل هذا لا يطعن به عليه لأنه يجوز أن تكون الكتب قد قرأت عليه وعورض بها أصله، وقد روى عنه الأئمة كالدارقطني وابن شاهين والبرقاني وأبي نعيم والحاكم» .
(١) هي محال ببغداد أقطعها المنصور أناسا من الأعيان ليعموها ويسكنوها، وهي قطيعة إسحاق الأزرق وأم زبيدة بنت جعفر بن المنصور، كما في القاموس، وإليها ينسب المترجم. ن